[الأدعية النبوية في الكرب]
ومن الأدعية في المصيبة والكرب والشدة والضيق، ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: (لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم) وفي رواية: (كان إذا أحزبه أمرٌ قال ذلك) .
قال النووي في شرح مسلم: هو حديث جليل ينبغي الاعتناء به والإكثار منه عند الكرب والأمور العظيمة.
قال الطبري: كان السلف يدعون به ويسمونه دعاء الكرب.
وأخرج أبو داود وأحمد عن أبي بكرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت) حسنه ابن حجر كما في الفتوحات الربانية، والألباني كما في صحيح الجامع.
وأخرج الترمذي وأحمد عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: ((لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ)) [الأنبياء:٨٧] فإنه لم يدع بها رجلٌ مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له) حسنه ابن حجر في الفتوحات وصححه الألباني كما في صحيح الجامع.
لما قالها يونس عليه السلام وهو في بطن الحوت، قال الله عز وجل: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء:٨٨] .
قال ابن كثير في تفسيره: {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء:٨٨] أي: إذا كانوا في الشدائد ودعونا منيبين إلينا، ولاسيما إذا دعوا بهذا الدعاء في حال البلاء، فقد جاء الترغيب في الدعاء بها عن سيد الأنبياء.
انتهى كلامه.
وأخرج مسلم في صحيحه من حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، إلا أخلف الله له خيراً منها، قالت: فلما مات أبو سلمة، قلت: -أي: قالت في نفسها- أي المسلمين خيرٌ من أبي سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم) .
إذاً: فالاسترجاع ملجأ وملاذ لذوي المصائب ومعناه باختصار: (إنا لله) : توحيد وإقرار بالعبودية والملك.
(وإنا إليه راجعون) : إقرار بأن الله يهلكنا ثم يبعثنا.
إذاً: فالأمر كله لله، فلا ملجأ منه إلا إليه، والله عز وجل يقول: {وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:١٥٥-١٥٧] .