هي وصية أم ممزوجة بالفرحة والدموع، نصحت فيها ابنتها المقبلة على حياتها الجديدة قائلةً: يا بنيتي! أنت مقبلة على حياة جديدة، حياة لا مكان فيها لأمك أو لأبيك، أو لأحد من إخوتك، فتصبحين صاحبةً لرجل لا يريد أن يشاركه فيك أحد، حتى لو كان من لحمك ودمك.
كوني له زوجةً وأماً.
اجعليه يشعر أنك كل شيء في حياته، وكل شيء في دنياه.
اذكري دائماً أن الرجل -أي رجل- طفل كبير أقل كلمة حلوة تسعده.
لا تجعليه يشعر أنه بزواجه منك قد حرمك من أهلك وأسرتك، إن هذا الشعور نفسه قد ينتابه هو، فهو أيضاً قد ترك بيت والديه وترك أسرته من أجلك، ولكن الفرق بينك وبينه هو الفرق بين المرأة والرجل، المرأة تحن دائماً إلى أسرتها، وإلى بيتها الذي ولدت فيه ونشأت وكبرت وتعلمت، ولكن لابد لها أن تعوّد نفسها على هذه الحياة الجديدة.
لابد لها أن تكيف حياتها مع الرجل الذي أصبح لها زوجاً وراعياً وأباً لأطفالها.
هذه هي دنياك الجديدة هذا هو حاضرك ومستقبلك هذه هي أسرتك التي شاركتما أنت وزوجك في صنعها، أما أبواك فهما ماض.
إني لا أطلب منك أن تنسي أباك وأمك وإخوتك، لأنهم لن ينسوك أبداً يا حبيبتي، وكيف تنسى الأم فلذة كبدها؟! ولكن أطلب منك أن تحبي زوجك وتعيشي له، وتسعدي بحياتك معه.
هاتان الوصيتان الجميلتان -كما أسلفت- من أمين فاضلتين عاقلتين.
هكذا يغرس أرباب الحجا في حياة النشء غرس الأوفيا
ويا ليت أن الأمهات يحرصن على وصية بناتهن بمثل هذه الوصايا الجميلة، خاصةً إذا كانت البنت قد أقبلت على بيت زواجها وعلى الأنس بزوجها، فإنها بحاجة إلى مثل هذه الوصايا.
فإذا الدنيا شراع هادئ والمنى تسبح في بحر طليق
أنتما في رحلة العمر معاً تبنيان العش كالروض الأنيق