[الكلمة الثانية: للأخوات المعلمات والمتعلمات]
قال صلى الله عليه وسلم: (نِعم نساء الأنصار، لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين) أخرجه مسلم وغيره من حديث عائشة.
وقال البخاري في صحيحه: باب: هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم.
وذكر فيه حديث أبي سعيد الخدري: (قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: غلبنا عليك الرجال؛ فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهنّ يوماً لقيهنّ فيه فوعظهنّ وأمرهن) الحديث.
وقال البخاري أيضا: باب: تعليم الرجل أمته وأهله.
وقال: باب عِظة الإمام النساء وتعليمهن.
ويقال عن عائشة: معلمة الرجال والأجيال، حتى قيل: إن ما نقل عنها ثلث الدين، وكذلك بقية أمهات المؤمنين اللائي أمرن بتبليغ الناس القرآن والسنة بقوله تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب:٣٤] .
وهناك العشرات من الصالحات العاملات المعلمات، كـ أم الدرداء، وحفصة بنت سيرين أم الهذيل التي حفظت القرآن وهي بنت اثنتي عشر سنة، واشتهرت فيما بعد برواية الحديث، وكان أخوها محمد بن سيرين إذا أشكل عليه شيء في القرآن يقول: اذهبوا فسلوا حفصة كيف تقرأ.
وزينب بنت أحمد المقدسية، تعرف ببنت الكمال، ولدت سنة ست وأربعين وستمائة، قال الذهبي: كانت ديّنة خيّرة، روت الكثير، وتزاحم عليها الطلبة، وقرأوا عليها الكتب الكبار.
وعائشة بنت يوسف بن أحمد الباعونية، هي الشيخة الأريبة العالمة الفاضلة، قالت عن نفسها: أهّلني الحق لقراءة كتابه العزيز، ومَنَّ علي بحفظه على التمام ولي من العمر ثمانية أعوام.
ولها مؤلفات منها: الفتح المبين في مدح الأمين.
ومريم بنت أحمد بن محمد الأذرعي، ولدت سنة تسعة عشر وسبعمائة، شيخة للحافظ ابن حجر، كما ذكر أنه قرأ عليها الكثير من مسموعاتها، وأشياء كثيرة بالإجازة، قال عنها - أي: ابن حجر -: نِعمَ الشيخة! كانت ديانة وصيانة ومحبة في العلم.
وكتب السير والتراجم مليئة بأسماء العالمات الفاضلات التي تثبت أن العلم الشرعي لا يقتصر على الرجال، فللنساء دورهنّ في القراءة والمطالعة وتعلُّم شرع الله تعالى، ثم في التعليم والتدريس وإلقاء المحاضرات والمواعظ، فهنّ أبلغ في أداء المهمة، وأعلم بنفسيّات النساء.
فيا أيتها الصالحة! أيتها المرأة! من لجماهير النساء إن لم تتحركي أنت؟! ومن للغافلات إن لم تتقدم الصالحات؟ أيتها المباركة! ما هو عذرك وحِلَق العلم معقودة، والندوات مقامة، والمحاضرات معلنة، والكتب والأشرطة ميسرة، وأنت بصحة وفراغ وعافية؟! إذاً: فهذا الحديث ليس خاصاً بالرجال فقط، بل هو لكِ أيضاً أيتها المعلمة والمتعلمة!