ومن الازدواجية في الأخلاق -أيضاً-: أولئك الذين نرى عليهم آثار الصلاح وسيما الخير، ثم نراهم في أفعالهم وتصرفاتهم يناقضون تلك السمات والآثار، حتى أصبحوا فتنةً لغيرهم، فأنت لا تسيء لنفسك فقط، بل لنفسك ولغيرك، وربما لدينك، فإن من يرى سوء الأخلاق منك فسيقول: هذه أخلاق الصالحين، وهذا هو الالتزام الذي يذكرون، فعلى هذا وأمثاله أن يراجعوا صلاحهم، فقد لا يكون لهم من الصلاح إلا الاسم والرسم.
مدحوا عند الفضيل بن عياض رجلاً وقالوا: إنه لا يأكل الخبيص، فقال رحمه الله:[وما ترك أكل الخبيص؟ انظروا كيف صلته للرحم، انظروا كيف كظمه للغيظ، انظروا كيف عطفه على الجار والأرملة واليتيم، انظروا كيف حسن خلقه مع إخوانه] انتهى كلامه.
قل لي بربك أيها القدوة! هل الاستقامة مظهر فقط؟ أم هي حسن تعامل مع فئة من الناس فقط؟ أم أنها سلوك منك وحسن تعامل مع الناس في كل شيء وفي جميع الأحوال؟ ففي الحديث الصحيح:(أعظم ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق) أخرجه الترمذي وابن ماجه، وقال الترمذي: صحيح غريب.
قال ابن القيم في الفوائد: جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين تقوى الله وحسن الخلق في هذا الحديث؛ لأن تقوى الله يصلح ما بين العبد وبين ربه، وحسن الخلق يصلح ما بينه وبين خلقه، فتقوى الله توجب له محبة الله، وحسن الخلق يدعو الناس إلى محبته.
انتهى كلامه رحمه الله.
ويجب التنبه هنا لأمر مهم، اختلط على كثير من الناس إما جهلاً وهو الغالب، أو بقصد من قلب فيه دخن ودغل، وهو قليل جداً إن شاء الله.