للأخلاق صلة وثيقة بالإيمان والعقيدة، قال ابن القيم يرحمه الله: الدين كله خلق، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين.
يقول صاحب رسالة جميلة بعنوان: صلة الأخلاق بالعقيدة والإيمان يقول فيها: إن المتمعن في أحوال الناس يجد كثيراً من المسلمين يغفل عن الاهتمام والاحتساب في هذا الجانب، وقد يجهل الصلة الوثيقة بين محاسن الأخلاق وقضية الإيمان والعقيدة، فبينما تجد الشخص يظن أنه قد حقق التوحيد ومحض الإيمان، تراه منطوياً على ركام من مساوئ الأخلاق والنقائص التي تخل بإيمانه الواجب، أو تحرمه من الكمال المستحب، كالكبر والحسد وسوء الظن والكذب والفحش والأثرة وغير ذلك، وقد يكون مع ذلك جاهلاً بضرر هذه الأمور على عقيدته وإيمانه، أو غافلاً عن شمولية هذا الدين لجميع مناحي الحياة، كما قال تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}[الأنعام:١٦٢-١٦٣] .
إن تحقيق التوحيد -والكلام ما زال لصاحب الرسالة- وتكميل الإيمان ليس باجتناب الشرك الأكبر فحسب، بل باجتناب كل ما ينافي العقيدة، وكل ما يخل أو يقدح في كمال التوحيد والإيمان إلى آخر كلامه هناك.
إذاً: فليست العقيدة متوناً تردد، ونصوصاً تحفظ، بل لا بد أن تتحول إلى واقع عملي في الحياة والتعامل بين الناس، ولما حصل هذا التصور عند بعض الناس ظهر انفصام نكد، وازدواجية بين مفهوم الإيمان ومقتضياته، وسيأتي الحديث عنها إن شاء الله تعالى.