سادساً: من آثار التوحيد تفريج الكربات، فالتوحيد الخالص هو السبب الأعظم لتفريجها في الدنيا والآخرة، وقصة يونس عليه السلام من الأدلة على ذلك، قال تعالى:{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ}[الأنبياء:٨٧] بماذا نادى؟ بم استغاث؟ بماذا لجأ؟ بكلمة التوحيد {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ}[الأنبياء:٨٧] فماذا كانت النتيجة؟ {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}[الأنبياء:٨٨] بل حتى المشركين يعلمون أن في التوحيد تفريجاً للكربات، قال الله تعالى:{فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}[العنكبوت:٦٥] .
يقول الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في القواعد الأربع -وانتبهوا لهذا الكلام-: القاعدة الرابعة: أن مشركي زماننا أغلظ شركاً من الأولين؛ لأن الأولين يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة، ومشركو زماننا شركهم دائم في الرخاء والشدة.
انتهى كلامه رحمه الله.
ويقول ابن القيم رحمه الله: فما دفعت شدائد الدنيا -انتبهوا يا أهل المصائب والآلام والأحزان- بمثل التوحيد، ولذلك كان دعاء الكرب في التوحيد، ودعوة ذي النون التي ما دعا بها مكروب إلا فرج الله كربه في التوحيد، فلا يُلقي في الكرب العظام إلا الشرك، ولا ينجي منها إلا التوحيد، فهذا مفزع الخليقة، وملجؤها وحصنها وغياثها، وبالله التوفيق إلى آخر كلامه رحمه الله.