للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خدمة الزوج والقيام على شئونه]

فالزوجة الصالحة تتقرب إلى الله جل وعلا بخدمة زوجها، وبعض النساء قد حباها الله عز وجل حسن تصرف، وعقل وتدبير؛ حتى أنها تقوم ببعض الأعمال الخاصة بزوجها نيابةً عنه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

فلماذا لا تحرص الزوجة على خدمة زوجها، وهو جنتها ونارها؟! كما في حديث حصين بن محصن: (أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة ففرغت من حاجتها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أذات زوج أنت؟ قالت: نعم.

قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه -أي لا أقصر في طاعته وخدمته- قال: فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك) أخرجه أحمد في المسند وابن أبي شيبة وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وقال المنذري في الترغيب: رواه أحمد والنسائي بإسنادين جيدين.

قال المناوي في شرح هذا الحديث: (انظري أين أنت منه) أي: في أي منزلة أنت منه، أقريبة من مودته، مسعفة له عند شدته، ملبية لدعوته، أم متباعدة من مرامه، كافرة لعشرته وإنعامه.

(فإنما هو جنتك ونارك) أي: هو سبب لدخولك الجنة برضاه عنك، وسبب لدخولك النار بسخطه عليك، فأحسني عشرته، ولا تخالفي أمره فيما ليس بمعصية.

اهـ.

وأيضاً أذكر هذا المثال من حال نساء الصحابة، وكيف كن يخدمن أزواجهن: فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: (تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال، ولا مملوك ولا شيء غير ناضح وفرسه، فكنت أعلف فرسه، وأستقي الماء وأخرز غربه -أي أخيط دلوه- وأعجن، ولم أكن أحسن أخبز، وكان يخبز لي جارات من الأنصار، وكن نسوة صدق، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي، وهي مني على ثلثي فرسخ، فجئت يوماً والنوى على رأسي فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار، فدعاني ثم قال: إخ إخ -كلمة تقال للبعير ليبرك- ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أني قد استحييت فمضى، فجئت الزبير فقلت: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركب فاستحييت منه وعرفت غيرتك، فقال: والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه، قالت: حتى أرسل إلي أبو بكر بعد ذلك بخادم يكفيني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني) .

انظري لـ أسماء رضي الله عنها أيتها الصالحة، ما اشتكت كثرة الخدمة لزوجها مع شدة ما كانت تفعله، وما تبرمت وما تضايقت، ومع ذلك انظري أيضاً لـ أسماء وهي تراعي خاطر زوجها وشعوره، عرفت نفسية الزوج، فالزوجة من خلال حياتها مع زوجها تعرف نفسية زوجها، وتعرف كيف تتصرف مع زوجها فتقدر له حقه حق القدر.

اليوم البيوت مليئة بالخادمات وبالسائقين، وربما الأطفال أيضاً يجلس عندهم في الصباح، وكثير من مشاغل البيت يقوم فيها الكثير من الخدم والحشم، والمرأة لا تدري ماذا تفعل! ولذلك كثر وقت الفراغ لدى المرأة، فلما كثر وقت الفراغ كثرت الهموم والمشاكل والوساوس، وبالتالي كثرت المشاكل بين الزوجين، فانظري -أيتها المرأة الصالحة- إلى حال هذه المرأة الصالحة وكيف كانت تقوم بخدمة زوجها وبيتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>