للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الممازحة والمرح مع الأهل]

ومن هذا ما أخرجه النسائي في كتابه عشرة النساء من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (زارتنا سودة يوماً، فجلس الرسول صلى الله عليه وسلم بيني وبينها إحدى رجليه في حجري والأخرى في حجرها، فعملتُ لها حريرةً أو قالت خزيرةً فقلت: كلي، فأبت، فقلت: لتأكلي أو لألطخن وجهك! فأبت؛ فأخذت من القصعة شيئاً فلطخت به وجهها فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجله من حجرها لتستقيد مني، فأخذت من القصعة شيئاً فلطخت به وجهي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك، فإذا عمر يقول عند الباب: يا عبد الله بن عمر، يا عبد الله بن عمر، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوما فاغسلا وجوهكما فلا أحسب عمر إلا داخلاً) .

وأيضاً أخرج النسائي في عشرة النساء من حديث عائشة رضي الله عنها، وعند ابن ماجة أيضاً في كتاب النكاح: (أنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وهي جارية فقال لأصحابه: تقدموا، ثم قال: تعالي أسابقك، فسابقني فسبقته على رجلي، فلما كان بعد خرجت معه في سفر فقال لأصحابه: تقدموا، ثم قال: تعالي أسابقك، ونسيت الذي كان وقد حملت اللحم، فقلت: كيف أسابقك يا رسول الله! وأنا على هذه الحال؟! فقال: لتفعلن، فسابقته فسبقني فقال: هذه بتلك السبقة!) .

{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:٤] .

وأيضاً أخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء بيني وبينه تختلف أيدينا عليه فيبادرني حتى أقول: دع لي، دع لي، قالت: وهما جنبان) .

فالمزاح والمرح حتى أثناء الغسل من الجنابة، فينبغي للزوج أن ينمي في نفسه صفات الفكاهة والمرح في بعض الأحايين مع زوجه؛ لتقوية أواصر المحبة.

وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، يروى عنه أنه كان يمازح زوجه فدخل عليها يوماً من الأيام فوجد في فيها عوداً من أراك، فأراد أن يمازحها، فنظر إلى عود الأراك يخاطبه بهذين البيتين الجميلين فقال:

حظيت يا عود الأراك بثغرها أما خفت يا عود الأراك أراكا؟!

لو كنت من أهل القتال قتلتك ما فاز مني يا سواك سواكا!

وهذا يبين حالهم التي كانوا عليها مع أزواجهم رضوان الله عليهم، فلا بأس أن ينظم الزوج أوقاتاً خاصةً للمرح واللعب مع الزوجة، فهذه سنة تضفي على الحياة الزوجية البهجة والسعادة، وتقطع الروتين البغيض فيها.

وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم يوم أن قال لـ جابر -كما أسلفنا-: (ألا أخذتها بكراً تلاعبها وتلاعبك؟!) .

<<  <  ج: ص:  >  >>