للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وقفة للنظر في الازدواجية]

أيها الإخوة! إن تخلى المسلمون عن أخلاقهم ومبادئ عقيدتهم فليس معنى هذا أن نتهم الإسلام، أو نتردد بالالتزام بتعاليمه وشرائعه، وإلا فما معنى أن يحكم أناس مسلمون على الإسلام وعلى أهل الصدق منه بالغلو والتطرف، والغلظة والفظاظة، وسوء الخلق، لمجرد أن منتسباً للإسلام أخطأ في تصرفه، أو قوله، أو تلبس لباس الصادقين من المسلمين؟ إن من أشنع أنواع الظلم أن يؤاخذ الإنسان بخطأ غيره فإن الله عز وجل يقول: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:١٦٤] .

أين الإنصاف؟ وأين العدل؟ والله عز وجل يقول: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة:٨] .

لماذا نتسرع بالحكم على الجميع ونعمم الأخطاء لمجرد أخطاء فردية؟! أين هؤلاء الشانئون عن مئات وآلاف من المسلمين والمسلمات ممن نَبُلت أخلاقهم، وعزت نفوسهم؟! إنني أعرف وتعرف، وأسمع وتسمع، وأرى وترى أعداداً ليست بالقليلة، ممن ملكوا القلوب بجمال ألفاظهم، وأسروا النفوس بحسن أفعالهم، قلوب صافية، وأيد حانية، وألسن عفيفة، علم وعمل، وحب للدين والوطن، فلماذا لا يذكر هؤلاء ويشهر أمرهم ويتحدث عن نبلهم؟ لماذا ننظر بعين واحدة ونقع على الجروح فقط؟ انظر لنفسك أيها الأخ الحبيب! أيها الشاب! وأنت تشكو من هؤلاء، ألست مسلماً؟ أو لست تخطئ؟ ألست تزل؟ فلربما شكا منك الناس، فأنت تشكو وأنت تُشكى، ولكن ما أجمل أن يعذر بعضنا بعضاً، وأن نعفو عن الزلات ونستر السيئات، ونشهر الحسنات، تناصح وتغافر يطفئ نار الفرقة والاختلاف.

عامل الناس جميعاً على أنهم بشر يصيبون ويخطئون، غض الطرف وتغافل واصبر.

ليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومه المتغابي

ولك أن تسرح بخيالك لترى المجتمع وهو يعيش بهذه المعاني الجميلة، فهي من أعظم مكارم الأخلاق، فإن أبيت فاتهم ذلك الشخص ولا تعمم واتق الله! فإن الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان.

<<  <  ج: ص:  >  >>