وعن شقيق البلخي قال: كنت في بيتي قاعداً فقال لي أهلي: قد ترى ما بهؤلاء الأطفال من الجوع، ولا يحل لك أن تحمل عليهم ما لا طاقة لهم به، قال: فتوضأت -نرجع إلى السبب الذي كانوا يدورون حوله رضوان الله تعالى عليهم- فتوضأت وكان لي صديقٌ لا يزال يقسم علي بالله إن يكن بي حاجة أعلمه بها ولا أكتمها عنه، فخطر ذكره ببالي، فلما خرجت من المنزل مررت بالمسجد، فذكرت ما روي عن أبي جعفر قال: من عرضتْ له حاجة إلى مخلوق فليبدأ فيها بالله عز وجل، قال: فدخلت المسجد فصليت ركعتين، فلما كنت في التشهد، أفرغ عليَّ النوم، فرأيت في منامي أنه قيل: يا شقيق! أتدل العباد على الله ثم تنساه؟! قال: فاستيقظت وعلمت أن ذلك تنبيه نبهني به ربي، فلم أخرج من المسجد حتى صليت العشاء الآخرة، ثم تركت الذهاب لصاحبي وتوكلت على الله، وانصرفت إلى المنزل فوجدت الذي أردت أن أقصد قد حركه الله وأجرى لأهلي على يديه ما أغناهم، إن ربي سميع الدعاء.
فلا تعجب أيها الحبيب! {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}[الطلاق:٣] واسمع لدعاء ابن القيم بالفاتحة، يقول: ومكثت بـ مكة مدة يعتريني أدواء لا أجد لها طبيباً ولا دواء، فكنت أعالج نفسي بالفاتحة، فأرى لها تأثيراً عجيبا، فكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألما، فكان كثيرٌ منهم يبرأ سريعا.
ذكر ذلك في الجواب الكافي وذكره -أيضاً- في زاد المعاد.
وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه المتفق عليه، لما قرأ على سيد الحي الفاتحة، قال:(فكأنما نشط من عقال) فهذا يشهد أيضاً بفضل الفاتحة.