قال ابن الجوزي في صيد الخاطر: الله الله في العمل بالعلم، فإنه الأصل الأكبر، والمسكين كل المسكين من ضاع عمره في علم لم يعمل به، ففاتته لذات الدنيا وخيرات الآخرة، فقدم مفلساً مع قوة الحجة عليه.
ونقل ابن عبد البر في الجامع قول أُبي بن كعب:[تعلموا العلم واعملوا به، ولا تتعلموه لتتجملوا به، فإنه يوشك إن طال بكم زمان أن يتجمل بالعلم كما يتجمل الرجل بثوبه] والله المستعان.
ويروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال:[العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل] .
وقال ابن القيم: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك وانشراحاً فاتهمه، فإن الرب تعالى شكور -يعني: أنه لا بد أن يثيب العامل على عمله في الدنيا من حلاوة يجدها في قلبه، وقوة انشراح، وقرة عين، فحيث لم يجد ذلك فعمله مدخول-.
انتهى كلامه.
إذاً: فمجرد العلم يبقى حجة عليك، فإذا عملت به أصبح حجة لك، فالأعمال تشفع لصاحبها عند الله، وتذكر به إذا وقع في الشدائد.
وتذكر قول الحق عز وجل عن ذي النون:{فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[الصافات:١٤٣-١٤٤] .
فيا طالب العلم! الله الله في العمل بالعلم، تجمع خيري الدنيا والآخرة.
وقال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: وكان السلف يستعينون بالعمل على العلم، فإن عمل به استقر ودام، ونما وكثرت بركته، وإن ترك العمل به ذهب أو عدمت بركته، فروح العلم وحياته وقوامه إنما هو بالقيام به عملاً وتخلقاً وتعليماً ونصحاً، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! وقال أيضاً: فمن شح بعلمه مات علمه بموته، وربما نسيه وهو حي، كما أن من بث علمه كان حياة ثانية، وحفظاً لما علمه، وجزاه الله من جنس عمله.