فإذا أحببت أحداً، أو كانت له منزلةً خاصةً في نفسك فأخبره بذلك، فإنه سهم يصيب القلب ويأسر النفس، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:(إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته بمنزله فليخبره أنه يحبه) كما في صحيح الجامع، وزاد في رواية مرسلة:(فإنه أبقى في الألفة وأثبت للمودة) .
لكن شرط المحبة: أن تكون لله، وليس لغرض من أغراض الدنيا كالمنصب والمال، والشهرة والوسامة والجمال، فكل أخوة لغير الله هباء، وهي يوم القيامة عداء {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ}[الزخرف:٦٧] و (المرء مع من أحب) كما قال صلى الله عليه وسلم، يعني: يوم القيامة.
إذاً: فإعلان المحبة والمودة من أعظم الطرق للتأثير على القلوب، فإما مجتمع مليء بالحب والإخاء والائتلاف، أو مجتمع مليء بالفرقة والتناحر والاختلاف، لذلك حرص صلى الله عليه وسلم على تكوين مجتمع متحاب، فآخى بين المهاجرين والأنصار، حتى عرف أن فلاناً صاحب فلان، وبلغ ذلك الحب أن يوضع المتآخيين في قبر واحد بعد استشهادهما في إحدى الغزوات، بل أكد صلى الله عليه وسلم على وسائل نشر هذه المحبة، ومن ذلك قوله صلوات الله وسلامه عليه:(لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) كما في صحيح مسلم.
أيها الإخوة! إن المشاعر والعواطف والأحاسيس الناس منها على طرفي نقيض -وللأسف- فهناك من يتعامل مع إخوانه بأسلوب عقلي جامد جاف مجرد من المشاعر والعواطف، وهناك من يتعامل معهم بأسلوب عاطفي حساس رقيق ربما وصل لدرجة العشق والإعجاب، والتعلق بالأشخاص.
والموازنة بين العقل والعاطفة يختلف بحسب الأحوال والأشخاص، وهو مطلب لا يستطيعه كل أحد لكنه فضل الله يؤتيه من يشاء.