ثانياً: أمر آخر نسمعه في حديث المجالس خاصة عندما ينادي منادي الإنفاق والصدقة للمسلمين في الخارج، فقائل يقول: إنهم ليسوا مسلمين، وقائل يقول: لا يصلون حتى الصلاة، وآخر يقول: انظر إلى التبرج والسفور والفساد عندهم، وآخر يقول: انظر إلى البدع والخرافات وفساد العقيدة لديهم.
وهكذا نسمع القيل والقال من البعض، فلا هم قاموا بواجبهم، ولا تركوا غيرهم يقوم بالواجب؛ فأصبحوا قطاع طريق على الآخرين.
عجيب أمر أولئك! أين عقولهم؟ لماذا ينظرون بعين واحدة؛ إن كانوا فعلا يريدون النصح للمسلمين؟! أيها المشككون! إن هؤلاء الذين تتكلمون عنهم غُيّب عنهم دين الله عشرات السنين، حرب شعواء على كل أمر له صلة بالإسلام، حتى أعدم من وجد في بيته نسخة من القرآن، أو تسمى باسم شرعي، أو حتى ذكر الله في بيته، بل صدرت قوانين رسمية تعاقب كل من يؤدي شعائر تعبدية، وزوجت المسلمات من غير المسلمين، وتسلّط الولد على والده، حتى خاف الآباء أن يعلموا أبناءهم كلمة التوحيد، فقد كانت المعلمة تسأل التلاميذ: ماذا تقول والدتك وجدتك؟! هدمت مساجدهم، وحرفت مناهجهم، حتى تخرّج جيل ممسوخ الهوية مسخاً تاماً إلا ما شاء الله تعالى منهم.
ومع ذلك كله، وبعد هذا الكيد المرير، وهذا العمر الطويل، لما جاءهم من يدلهم على الإسلام ويعلمهم الأحكام، اجتمعوا عليه بالمئات والآلاف وكلهم شوق ورغبة في التعلم والتعليم، بل منهم من يسمع حقيقة الإسلام، فيبكي -والله العظيم- حرقة وألما؛ لأنه لم يجد من يعلمه قراءة القرآن وكيفية الصلاة على الأقل.
ثم يأتي بعضنا، يجلس في المجالس وعلى الموائد العامرة، وقد فرط في كثير من أمور دينه رغم كثرة الدروس والكتب والأشرطة والعلماء والمساجد، ثم نسمع من القيل والقال والتشكيك والتثبيط، فلنتق الله ولنقل خيرا أو لنصمت.