هذا حال النساء، وحال الرجال -كما أسلفت- في هذه الأيام القصيرة التي مضت بعد رحيل رمضان، فما هو سر نشاطنا في رمضان؟ وما هو سر فتورنا وربما انقطاعنا في غيره أيها الأحبة؟! سألت هذا السؤال واستنطقت الأفواه لمعرفة السر، قالوا: رمضان له شعور غريب ولذة خاصة.
قلت: لماذا له هذا الشعور وهذه اللذة؟ قالوا: لأن الناس من حولك كلهم صائمون، وقائمون، ومتصدقون، وقارئون، ومستغفرون.
قلت: أحسنتم.
إذاً: فالسر صلاح المجتمع من حولنا، والمجتمع هو نحن، هؤلاء الأفراد، أنا وزوجتي وأولادي وأبي وأمي وإخواني وأخواتي، فلماذا لا يصلح هؤلاء الأفراد؟ لماذا لا نربي في أنفسهم استمرار الطاعة ومراقبة الله؟ لماذا لا نشجعهم على صيام التطوع وصلاة الليل وقراءة القرآن؟ فنصوم البيض -مثلاً- ونجتمع على الإفطار، ونوقظ بعضنا ونجتمع على القيام ولو لوقت يسير، ونخصص ساعات نجلس فيها لقراءة القرآن، وهكذا في سائر الأعمال، عندها ألا تشعرون أن السنة أصبحت كلها رمضان؟ وأن المجتمع يشجع بعضه بعضاً؟! وليس معنى هذا أن نكون كما كنا في رمضان، مع أننا نتمنى هذا، نحن لا نقول: كونوا كما كنتم في رمضان من الاجتهاد والحرص على الخيرات، فالنفس لا تطيق ذلك، ورمضان له فضائل وخصائص، ولكنا نقول: لا للانقطاع عن الأعمال الصالحة، فلنحرص ولو على القليل من صيام النفل، ولنداوم ولو على القليل من القيام، ولنقرأ كل يوم ولو القليل من القرآن، ولنتصدق ولو بالقليل من المال والطعام، وهكذا في سائر الأعمال، ولنحيي بيوتنا ولنشجع أولادنا وأزواجنا.
وفي الحديث الصحيح المتفق عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم:(أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قَلَّ) .
[وقد كان عمله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ديمة] كما كانت تقول عائشة رضي الله تعالى عنها.
فهل تعلمنا من رمضان الصبر والمصابرة على الطاعة وعن المعصية؟ وهل عودنا أنفسنا على المجاهدة للهوى والشهوات؟ هل حصلنا على التقوى التي هي ثمرة الصيام الكبرى، واستمرت معنا حتى بعد رمضان، فإن الصلة بالله وخوف الله هي السر في حياة الصالحين والصالحات؟!