السبب الثالث: نسيان الذنوب، الغفلة عن الذنوب وقتل الشعور بالخطأ، أو إن شئت فقل: ضياع الوازع الديني أو النفس اللوامة، أو إن شئت فقل -أيضاً-: قلة الخوف من الله عز وجل، سبب من الأسباب التي جعلت كثيراً من الناس صفراً، أصبح ذلك الرجل الصفر أسيراً لذنوبه فهو لا يستطيع التخلص منها، فلا هي -أي: الذنوب والمعاصي- دفعته إلى العمل الصالح والإكثار منه لعلها تكون سبباً لمحوها وغفرانها، وهذا هو الأصل، الأصل في المسلم أنه إذا أذنب ووقع في السيئات أن يسارع ليعمل صالحاً لعلها أن تمحو تلك الذنوب والسيئات، ولذلك قال الحق عز وجل:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}[هود:١١٤] وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (وأتبع السيئة الحسنة تمحها) هذا هو الأصل، ولكن الرجل الصفر كان أسيراً لذنوبه فلا هي التي دفعته للعمل الصالح، ولا هي -أيضاً- التي جعلته ينظر لنفسه، بل جعلته أسيراً مسكيناً ضعيفاً خامل النفس أسيراً لها.
الرجل الصفر أسير للمعاصي والذنوب، قيدته وكبلته، فإذا حدثته بالعمل والتحرك شكا لي ضعفه وكثرة ذنوبه، بل ربما ظن بعض الصالحين لكثرة ذنوبه بنفسه النفاق، حتى وإن تحرك وعمل قال: أنا منافق، وهو ما زال على ذنوبه ومعاصيه، وهذه شبهة أحرقت علينا كثيراً من الطاقات والعقول والأفكار.
نرى كثيراً من الشباب صاحب معاصٍ وصاحب ذنوب، فإذا قلنا له: اعمل وأكثر من النوافل، قال: أنا أخشى أن أكون منافقاً، لماذا؟ قال: لأني آتي المسجد وأدخل وأصلي وأنا صاحب ذنوب ومعاصٍ كثيرة.
إذاً: فالحل في نظره أن يقعد عن العمل وأن يبتعد عن الساحة، وأن يبقى داخل قفص الشيطان وأوهامه مع الذنوب والمعاصي، وغفل هذا المسكين عن أن خير علاج للذنوب، وخير علاج للسيئات والتقصير هو العمل وكثرة التوبة والاستغفار، فإن أبى فإني أخشى عليه من الانحراف، فالنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية.