للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مقبِلينَ مِن طريقِ كَدَاءَ (*)، فنزلوا في أسفلِ مكةَ، فرأوا طائراً عائِفاً (١٩)، فقالوا: إنَّ هذا الطائرَ لَيدورُ على ماءٍ، لعَهْدُنا بهذا الوادي وما فيه ماءٌ، فأرسلوا جَرِيّاً أو جَرِيَّينِ؛ فإذا هُم بالماءِ، فرَجَعوا، فأخبروهم بالماءِ، فأقبلوا، قالَ: وأمُّ إسماعيلَ عندَ الماء، فقالوا: أتأذنينَ لنا أن ننزِل عندَكِ؟ فقالت: نعم؛ ولكن لا حقَّ لكُم في الماءِ.

قالوا: نعم.

قال ابنُ عباسٍ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:

"فألفى (٢٠) ذلك أمَّ إسماعيلَ وهي تحبُّ الأُنْسَ، فنزلوا، وأرْسَلوا إلى أهليهِم، فنزلوا معهُم، حتى إذا كانَ بها أهلُ أبياتٍ منهم، وشبَّ الغلامُ، وتعلَّمَ العربيَّةَ منهم (٢١)، وأنْفَسَهُم وأعجَبَهُم حين شبَّ، فلما أدْرَكَ؛ زَوَّجوهُ امرأةً منهم، وماتت أمُّ إسماعيلَ.

[ثم إنه بدا لإِبراهيم، فقالَ لأهْلِهِ: إني مُطَّلِعٌ تَرِكَتي، قال:] فجاء إبراهيمُ بعدما تَزَوَّجَ إسماعيلُ يُطالِعُ تَرِكَتَهُ، [فجاءَ فسلَّمَ]، فلم يجدْ إسماعيلَ، فسألَ امرأتَهُ


(*) قوله: "كداء" ويُروى "كدى" كهدى: وهما ثنيتان بمكة، ونص الفيومي على عدم صرف الأول للعلمية والتأنيث.
(١٩) (عائفاً): حائماً. و (الجَرِيّ): الوكيل والرسول.
(٢٠) أي: وجد. "ذلك"؛ أي: الحي الجرهميّ.
(٢١) فيه إشعار بان لسان أمه وأبيه لم يكن عربياً، وفيه تضعيف لقول من روى أنه أول من تكلم بالعربية إسماعيل، وقد وقع ذلك من حديث ابن عباس عند الحاكم (٢/ ٥٥٢ - ٥٥٣) موقوفاً بسند واه، لكن روى الزبير بن بكار في "النسب" من حديث علي بإسناد قال الحافظ: حسن. قال: "أول من فتق الله لسانه بالعربية المبينه إسماعيل". قال الحافظ: "وبهذا القيد يجمع بين الخبرين، فتكون أوليته في ذلك بحسب الزيادة في البيان لا الأولية المطلقة".
وقوله: "أَنْفَسَهُم"؛ أي: رَغَّبَهُم في نفسه ومصاهرته، فعل ماض من الِإنفاس، وهو الترغيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>