عنه؛ فقالت: خَرَجَ يبتَغي (وفي روايةٍ: ذهب يَصِيدُ) لنا، ثم سألَها عن عَيْشِهِم وهَيْئَتِهِم؟ فقالت: نحنُ بِشَرٍّ، نحن في ضِيقٍ وشِدَّةٍ، فشَكَتْ إليه، قالَ: فإذا جاءَ زوجُكِ، فَاقْرَئي عليه السلامَ، وقُولي لهُ: يُغَيِّرْ عتبةَ بابِهِ.
فلما جاءَ إسماعيل؛ كأنَّه آنَسَ شيئاً، فقالَ: هل جاءَكُم مِن أحَدٍ؟ قالت: نعم؛ جاءنا شيخٌ كذا وكذا، فسألَنا عنك؟ فأخبرْتُهُ، وسألني: كيف عيشُنا؟ فأخبَرْتُهُ أنا في جَهْدٍ وشِدَّةٍ. قال: فهل أوصاكِ بشيءٍ؟ قالت: نعم؛ أمَرَني أن أقْرَأَ عليكَ السلامَ، ويقولُ: غَيِّرْ عَتَبَةَ بابِكَ. قالَ: ذاكِ أبي، وقد أمرني أن أُفارِقَكِ، الْحَقِي بأهلِكِ، فطَلَّقَها، وتَزَوَّجَ منهم أُخرى.
فلَبِثَ عنهُم إبراهيمُ ما شاءَ اللهُ، ثم [إنَّه بدا لابراهيمَ، فقالَ لأهلهِ: إني مُطَّلِعٌ تَرِكَتي. قالَ: فـ] أتاهُم بعدُ، فلم يَجِدْهُ، فدَخَلَ على امرأتِهِ، فسألها عنه؟ فقالت: خَرَجَ ببتغي (وفي روايةٍ: ذهب يَصِيدُ) لنا، [فقالت: ألا تَنْزِلُ فتَطْعَمَ وتشْرَبَ؟] قالَ: كيف أنتُم؟ وسألَها عن عَيْشِهِم وهيئتِهِم؟ فقالت: نحنُ بخيرٍ وسَعَةٍ، وأثْنَتْ على اللهِ عزَّ وجَلَّ، فقالَ: ما طعامُكُم؛ قالتِ: اللحمُ. قالَ: فما شرابُكُم؟ قالتِ: الماءُ. قالَ: اللهُمَّ! بارِكْ لهم في اللحمِ والماءِ".
قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:" [بركةٌ بدعوةِ إبراهيمَ - صلى الله عليه وسلم -]، ولم يكن لهم يومئذٍ حَبُّ، ولو كانَ لهم دعا لهم فيه". قالَ: فهما لا يَخْلُو عليهِما أحدٌ بغيرِ مكةَ إلا لم يوافِقاهُ (٢٢)، قال: فإذا جاءَ زوجُكِ، فاقْرَئِي عليهِ السلامَ، ومُرِيهِ يُثْبِتْ عتَبَةَ بابِهِ.
(٢٢) يعني: ليس أحدٌ يخلو؛ أي: يعتمد ويداوم على اللحم والماء بغير مكة إلا اشتكى، أما في مكة المشرفة فلا، فإنهما يوافقانه فيها.