للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقالتْ [له] خديجةُ: كلَاّ [أبشر، فـ] والله ما يُخزيكَ الله أَبداً، [فوالله] إنكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، [وتَصْدُق الحديث] وتَحمل الْكَلَّ (٩)، وتَكِسبُ المعدومَ، وتَقري الضيْفَ، وتُعِينُ على نوائبِ الحقِّ، فانطلقتْ بهِ خديجةُ حتى أَتتْ بهِ وَرَقَةَ بنَ نَوفلِ ابنِ أَسدِ بْنِ عبدِ الْعُزَّى [بن قصَي، وهو] ابنُ عمِّ خديجة [أَخي أَبيها] وكانَ امرأً قد تنصَّر في الجاهلية، وكانَ يكتُبُ الْكتابَ الْعِبرانيَّ، فيكتُبُ من الإنجيلِ بالعِبرانيةِ (وفي روايةٍ: الكتاب العربي، ويكتب من الإنجيل بالعربية) ما شاءَ الله أنْ يكتُبَ، وكانَ شيخاً كبيراً قد عَمِيَ، فقالتْ لهُ خديجةُ: يا ابنَ عمِّ! اسمعْ منِ ابنِ أخيك، فقالَ له ورَقةُ: يا ابنَ أخي! ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبَرَ ما رأى، فقال له وَرَقَةُ: هذا الناموسُ (١٠) الذي نزَّلَ الله على مُوسى، يا ليْتني فيها جذَعاً، ليْتني أَكونُ حيّاً إذْ يُخرجُكَ قومُك، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: وَمُخْرِجيَّ هُمْ؟ قالَ: نعمْ، لم يَأتِ رَجلٌ قط بمثلِ ما جئتَ بهِ إلا عُودِيَ (وفي روايةٍ: أُوذيَ)، وإنْ يُدركْني يومُكَ أَنصُرْك نصراً مؤزَّراً، ثم لم يَنشَبْ وَرَقةُ أنْ توُفِّيَ، وفَتَرَ الوحيُ، [حتى حزِن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا- (١١) حُزناً غدَا منه مراراً كيْ يتَردَّى من رؤوس شواهِق


(٩) هو من لا يستقل بأمره، (وتكسب المعدوم) أي: تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك بحذف أحد المفعولين، ويقالُ: كسبت الرجل وأكسبته بمعنى.
(١٠) هو صاحب السر كما يأتي من المصنف في آخر الحديث، والمراد هنا: جبريل عليه السلام. (جذعاً) يعني شاباً، وأصل (الجذع) الصغير من البهائم.
(١١) قلت: القائل: "فيما بلغنا" هو ابن شهاب الزهري، وهو راوي أصل الحديث عن عروة بن الزبير عن عائشة، فقوله هذا يشعر بأن هذه الزيادة ليست على شرط "الصحيح "، لأنها من بلاغات الزهري، فليست موصولة، كما قال الحافظ في" الفتح "، فتنبه. وانظر كتابي "دفاع عن الحديث النبوي والسيرة" ص ٤٠ - ٤٢، ففيه بيان شاف كاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>