للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قد جِئناكُم مِن هذا الرجلِ، وسمعناهُ يقولُ لْولاً، فإنْ شئتُم أن نعرِضَهُ عليكُم فعلنا.

فقالَ سفهاؤهم: لا حاجةَ لنا أن تُخبرنا عنه بشيء، وقالَ ذو الرأي منهم: هاتِ ما سَمِعْتَهُ يقولُ. قالَ: سَمِعْتُهُ يقولُ: كذا وكذا، فحدثَهُم بما قالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقامَ عروةُ بن مسعود، فقالَ:

أيْ قومِ! ألستُم بالوالِدِ؟ قالوا: بلى. قالَ: أولستُم بالولد؟ قالوا: بلى.

قالَ: فهل تَتهِموني؛ قالوا: لا. قالَ: ألستُمْ تَعْلمونَ أني استنفَرْتُ أهلَ عُكاظٍ (١١)، فلما بَلحوا على جئتُكُم باهلي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: بلى. قالَ: فإن هذا قد عَرَضَ لكُم خُطةَ وُشْدٍ، اقبلوها، ودعوني آتيهِ. قالوا: ائتِه، فاتاهُ، فجَعَلَ يكلمُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - نحواً مِن قولهِ لبُدَيْل، فقال عُرْوَةُ عندَ ذلك: أيْ محمد! أرأيتَ إنِ استأصَلتَ أمرَ قومكَ؛ هل سمِعْتَ بأحدٍ من العَرَب اجتاحَ (١٢) أهلَهُ قبلَكَ؟ وإنْ تكُنِ الأخرى؛ فإني واللهِ لا أرى وجوهاً، وإني لأرى أشواباً من الناسِ، خليقاً أن يَفِروا ويَدَعوكَ! فقالَ لهُ أبو بكرٍ رضيَ الله عنه: امصَصْ بِبَظْرِ اللأتِ؛ أنحنُ نَفِر عنهُ ونَدَعُهُ؟ فقالَ: مَن ذا؟ قالوا: أبو بكرٍ. قالَ: أما والذي نفسي بيدِه؛ لولا يد كانت لك عندي لم أجْزِكَ بها لأجَبْتُك، قالَ: وجَعَلَ يكلمُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكُلما تَكَلمَ أخَذَ بلِحْيَتِه (١٣)، والمغيرةُ بنُ شعبةَ قائم على رأس النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومعهُ السيفُ، وعليهِ


(١١) أي: دعوتهم للقتال نصرة لكلم. و (عكاظ) غير منصرف، وقد يصرف. وقوله: (بلحوا): أي امتنعوا. و (خطة رشد): خصلة خير وصلاِح.
(١٢) الاجتياح: الإهلاك. و (الأشواب): الأخلاط من الناس، كالأوشاب، والأوباش، والأمر بمص النظر من الشتوم الغليظة عند العرب.
(١٣) قال الحافظ: كانت عادة العرب أن يتناول الرجل لحية من يكلمه، ولا سيما عند الملاطفة، =

<<  <  ج: ص:  >  >>