للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا القاصد أوراق كثيرة للناس، وتحققنا أن قتل السلطان ببر الجيزة، وأنه كان في عسكر كثير بالربيع، وأن العسكر اجتمع على قتله، فإنه توعد جماعة بالقتل، فلم يطلع أحد من المقدمين للمولد (١)، بل أرسلوا لشققهم.

وفي ثالث عشر الشهر، توجه للربيع، فاجتمعوا له ثلاث فرق ببر الجيزة عند المعديات، فكان الدوادار الثاني عند الجيزة، فتوجه بعض الأمراء إليه، وأخبروه أن الدوادار الثاني جاء وهو هاهنا، فنمى عليه فأنعم، فلما وصل إليه قال له: إيش عندك أغا (٢)؟ فخرّج له لبنا فأعطاه له وهو راكب، ثم حضنه ورماه من فوق الفرس، فضربه الذين مع السلطان، فأشار لأصحابه الذين بالخيمة، فخرجوا فقتلوه وقتلوا معه بني عمه وواحد أو إثنين وهم الذين كانوا معه، وكان ذلك في يوم الأربعاء، خامس عشر ربيع الأول، وطلع الخبر إلى القلعة (٣) فبكوا، ويقال أن الدوادار الكبير أمرهم بالسكوت، وترك السلطان بمحله إلى ثاني يوم فتوجهت إليه، وكأنه بعد الإستئذان


(١) وفيه عمل السلطان المولد النبوي، فلم يطلع إليه من الأمراء سوى الأتابكي ازبك وتاني بك الجمالي أمير سلاح، وبعض أمراء عشرات، والقضاة الأربعة، ولم يطلع خاله قانصوه ولا أحد من الأمراء ولا حضروا المولد. ابن إياس: بدائع الزهور ٣/ ٤٠٠.
(٢) أغا: الأغا: كلمة تركية تعني الأخ الكبير، وتطلق كذلك على صغار الضباط، وأحيانا على كبارهم، وتأتي بمعنى السيد. محمد أحمد دهمان: معجم الألفاظ التاريخية في العصر المملوكي، ص ١٨. مصطفى بركات: الألقاب والوظائف العثمانية، ص ١٧٣.
(٣) القلعة: المراد بها قلعة الجبل بناها الطواشي بهاء الدين قراقوش للملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب. وموقعها بين ظاهر القاهرة وجبل المقطم والفسطاط سنة ٥٧٢. ابن الأثير: الكامل في التاريخ ١٠/ ٨١. ابن كثير: البداية والنهاية ١٢/ ٣١١. القلقشندي: صبح الأعشى ٣/ ٤٢١.