فإنه أخذ له أشياء وجلس عنده أياما، ثم حبس ببرج القلعة وأرسل للأسكندرية، وجلسوا على ذلك نحو الثمانية عشر يوما، فأخبر السلطان الدوادار الكبير الجديد أن الأمير الكبير قصروه أتفق هو وإثنا عشر مقدما أو أربعة عشر على قلع السلطان من تخته باليد، ففي ثاني يوم احترص على/نفسه وواعد أناسا على قبضهم إذا طلعوا، فلما طلعوا صار كلما طلع واحدا قبض عليه، إلى أن قبض الكل، فوجدهم ملبسين من تحت ثيابهم، فأودعهم البرج إلا قصروه، فإنه أرسله للأسكندرية ولم يعلم ما جرى لهم بعد ذلك، وأعاد السلطان قاضي القضاة زكريا الشافعي والشهاب القصروي لنظر الجيش، واختفى البدري بن مزهر، وسببه أن الأول أخرجه أو أراد إخراجه واعتذر له، أنه ما فعل به، ما فعل إلا لأجل خاطر الدوادار الكبير، فلما تسلطن جعل عليه عشرة آلاف دينار، فترل لبيته وتعلق على مغاربة كانوا اشتروا بعض حمله الذي بالطور، وأشتكاهم للدوادار الثاني (١)، فطلع المغاربة للسلطان وأخبروه، فأعاد كاتب السر للعرقانة، ثم بعد أربعة أيام أذعن للتسليم، فأطلق ونزل لبيته فاختفى ويقال: إن الحركة القاضي صلاح الدين بن الجيعان كاتب السر، وأبو المنصور، ونسأل الله إصلاح البلاد والعباد، والناس متفقون على الرضى بهذا السلطان، فالله يعينه وينصره، ونودي له بزينة عشرة أيام بمكة المشرفة.
وفي أول يوم الأربعاء، عشري الشهر، وصل الخبر من جدة بوصول القصاد كلهم إليها، وأنهم واصلون تلو ذلك، ثم جاءوا إلى مكة في بقية يومهم ومعهم أوراق كثيرة للناس، ومراسيم للسيد الشريف، وقاضي القضاة الشافعي، وللتجار، وللناظر، والكراني بجدة.