للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان دخل بعضهم ولم يدخل باقيهم إلا صبيحة الأحد، وكان أتفق لبعضهم مضاربة بعض عبيد الترك، ثم جاء أبو يزيد الغوري بالعبد وضربه قدامهم، بل وأعطاهم بعض محلقات.

ثم في ثاني يوم، لما جاء عنقا شكوا عليه ذلك، وأرسل لجدة فما قبلوا وتوجهوا للترك إلى ربع التوزيري (١) فحصل بينهم/مناوشة، ثم نزل بعض الترك بأقواسهم ورموهم بالنشاب، فقتلوا منهم جماعة لعلهم أربعة، وأصيب جماعة أيضا، وبعضهم في التلف، فهرب العرب، ونهبوا وطلعوا لجبل أبي قبيس، ورموا بالمقاليع (٢)، وصار حجرهم يصل المسجد وسطحه وأبوابه، ولم ينجحوا بل تدلى بعضهم، ونهبوا بعض الناس وبعض البيوت بسوق الليل وغيرهم.

ثم جاء الشريف عنقا وابن قنيد في جماعة إلى مدرسة السلطان وتكلموا على الترك، ثم توجهوا لسوق الليل ورأوا مشايخ العرب، وأراد العرب أن يخلى بينهم وبين الترك وغيرهم، فخوفهم عنقا من الترك وكثرة القواسة بمكة وغيره، وأرضاهم بأن الشريف يعطيهم الدية، وطلب الشهود وشاهدوا القتلى والمجروحين، وكتبوا بذلك محضرا، فرضي أولياء المقتولين، واشترى لهم حب طحن ودقيق وزبيب وفرق عليهم نفقة عشرة أيام، وتوجهوا مع عنقا إلى الوادي، فسمعوا بها متخلف (٣) وأنه لم


(١) هو الربع الذي بالمسعى، ويعرف بربع التوزيري شاه بندر جدة، لتوليه عمارته. عمر بن فهد: اتحاف الورى ٤/ ٦٤. العز ابن فهد: غاية المرام ٣/ ١٢٠.
(٢) المقاليع: مفردها مقلاع: وهو أداة مصنوعة من نسيج الشعر أو الصوف الثخين وربما من الجلد، تستعمل كسلاح يرمى به الحجر، أكثر ما يكون استعمالها عند الرعاة من البدو وسكان القرى. مصطفى عبد الكريم الخطيب: معجم المصطلحات والألقاب التاريخية، ص ٤٠٤.
(٣) أي: إن الشريف نيته التخلف عن الحج. العز ابن فهد: غاية المرام ٣/ ١٢٠.