للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ساعة مهولة فارتاع المسلمون لذلك وتغيرت خواطر الناس، وعاد الفرح ترحا، وأرسل الأمير ليحي ابن سبع يطلبه، ليجئه هو وأولاده ليعطيه مكة، أو يشاوره في ذلك.

وتبع القاضيان جملة من المماليك والقواسة والنفاطة، وغرم كل واحد منهما بعد إسماع الكلام خمسة وعشرون دينارا، ثم أرسل إليهما وجيء بهما إلى المدرسة الأشرفية المرة بعد الأخرى، بل مرارا كثيرة إلى أن قرروا على كل واحد منهما خمسين دينارا للأتابك بدل الخلعة، ثم طمع فيهم أهل دولته، فجعلوا للدويدار عشرة، وللبرددار عشرة لكل واحد منهما، وتبدل الناس الأمن خوفا والرخص غلاء، وتقطعت السبل ونهبت القوافل وكذا الواصلون، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولم يطف ويسعى الأتابك إلا ثاني يوم متخفيا.

ثم تبين أن ذلك طمعا في مال أوعده به يحي بن سبع، ويقال إنهم اتفقوا هم وإياه على مائة ألف دينار، ويقال على سبعين، ويقال على أربعين، وترك واحدا من جماعته لقبض ذلك، فإن يحي بن سبع كان يكاتبهم طول الطريق، وأرسل لهم ولده إلى الحوراء.

وفي ينبع كان الرسول بينهما الشريف بطاح (١)، فإنه كان بمصر ووصل مع الحاج، وسعى في إمرة ينبع، فما حصل له شيء، وتردد بينهما إلى أن على المال، فأمر الأتابك هجار بن دراج بالرجوع هو وجماعته، /وكان وصل معهم من مصر


(١) هو بطاح بن مجول الإبراهيمي الشريف الينبعي، كان مقتله في وادي القبيبات سنة ٩١٠ هـ، وهو أكبر الساعين عند الأمير الكبير بينبع ومكة في أذى الشريف بركات. العز ابن فهد: غاية المرام ٣/ ١٤٨، ١٦٦، ١٦٨، ١٧٥. العصامي: سمط النجوم العوالي ٤/ ٢٨٨.