للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما الناس (١) فتخلفوا ولم يحج إلا النادر من الناس، وكنا ممن لم يحج، وبعضهم حمل وعاد لما غار عليهم العرب، ونهب ناس من أهل الشقادف، ومنهم أهل علي الطنبداوي وأبي الخير خادم صبي الشيخ معقل من المشاة، بل وعقر بعض الجمال وكان بالمدرج عند منى وعند البياضية وبمضيق عرفة (٢)، وممن عاد الخطيب وأهله.

ثم رجع في النهار، في شقدف بلا عيال، لأجل الخطبة والوقوف.

وحصل للناس مطر، من وسط يوم السبت وليلة الأحد كلها، وتشوش من حج بسبب ذلك كثيرا، ونهب من جاء من جدة، بل وقتل خلق منهم، وهم البحارة والنواخيذ، فإنه كان وصل لجدة ثلاثة مراكب واحد من دابول وواحد من هرموز وثالث (٣)، وأرسل لهم من أراد الحج يترل، ولو كان ما فعله هذا الأمير من مسك الشريف من الأمور المشكلة التي تعطل بسببها ما ذكرته وغيره، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فالله يعوضنا ويعوض من تخلف خيرا، فإن هذا من الأمور الشاقة.

فلما فرغ الوقوف، وكان جاء الحاج إلى مزدلفة وباتوا بها، وجاءوا إلى منى، ونزل الأتابك عند مترل السلطان قايتباي، بالقرب من بيت الشريف، وأمير الأول عند مسجد الخيف، ولم يجيء لمكة في هذا اليوم ولا كسيت الكعبة.

فلما كان ثاني يوم الثلاثاء نفر الحاج كلهم إلى مكة.


(١) إن السبب في قلة الحجاج في هذه السنة هو التراع والحروب بين الشريف بركات وأخيه جازان. ابن ياس: بدائع الزهور ٤/ ٥٠. الجزيري: درر الفرائد المنظمة، ص ٣٥٣ - ٣٥٤.
(٢) مضيق عرفة: وهو شعب بين جبلين يفضي أخره إلى بطن عرفه، التي يكون بها موقف الإمام، وكان فيما مضى طريقا ضيقا يأتي المزدلفة من جهة عرفه.
(٣) يبدو أن هناك سقط في النص.