للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك (١) فلم يفزع له أحد فدخل أخوه وبعض الصيارفة وغيرهم إلى المسجد ثم إلى الكعبة المعظمة وهم يستغيثون باطل ما يحل يا مسلمين ثم توجهوا للباش بكباي فلم يجدوه بالبيت وسمعوا أنه بالواسعة فتوجهوا له وأخبروه فصاح عليهم وقال لهم أنتم تخدمون الترك يا أولاد أهل مكة ثم تتشوشوا منهم فلم يفارقوه حتى هجموهم ورموهم بالحجارة فعادوا إلى المسجد يضجون ومنعوا الطائفين من الطواف، وجاءت أم الصبي للمسجد أيضا وزادت الفوضى بالمسجد وقوي [التكبير] (٢) ودخل كثير من الأتراك للمسجد وللطواف على عادتهم قبيل المغرب ومنهم دويدار أمير كبير يونس فأخذته رحمة لهم فتوجه في بعض الأتراك إلى بيت المسكن فلما وصل إلى البيت أغلق كرتباي العادلي باب الدار البراني فما أمكنه إلا العود إلى المسجد، فيقال أنه في عوده مسكه بعض الأتراك وقال له لا تعد فما سمع منه وترك وعاد المسجد ثم أن كرتباي تكلم عن أصحابه فأخرج الصبي من عندهم فذهب إلى بيته (٣)، واستمر الصياح بالمسجد إلى الغروب فامتنع [المؤذنين] (٤) والإمام من الصلاة، ويقال أنه من المنكرين بل أراد/ بعض الغربا الصلاة بمقام الخليل فجاؤا إليه وأنكروا عليه حتى ترك، ثم أن إمام الحنفية الشهاب البخاري أراد أن يصلي بأخيه وثاني أمام الرواق فرأى المماليك الذين بالمسجد


(١) وهذه الاستغاثة تدل على أن الناس كانوا لا يستطيعون الحصول على حقوقهم بالعدل، ولذا لجأوا إلى الله لينصرهم على الظالمين.
(٢) وردت الكلمة في الأصول "التكبر" وما أثبتناه هو الصواب لسياق المعنى.
(٣) كانت دولة المماليك الجراكسة قوية في أول أيامها وكان اقتصادها قويا متينا، وكانت تختار لحكم الأقاليم وخاصة مكة المكرمة، أعدل الأمراء وأصلحهم ولكن الحال تغير في أواخر أيامها نتيجة للضغط السياسي والاقتصادي فانفرط عقد الولايات وحكموا الناس بالظلم وارتكبوا الفضائح. انظر: علي بن حسين السليمان: العلاقات الحجازية المصرية زمن سلاطين المماليك، ص ٤١ - ٤٧.
(٤) وردت الكلمة في الأصل "المؤذنو" والتعديل من (ب) وهو الصواب.