للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى قر (١) فجأه القاضي بجدة ليشفع فيه فلم يشفع فأنكر عليه ضربه وامتنع من الأحكام، فلما وصل كتابه إلى الباش نادى القاضي الشافعي بمكة الصلاحي والتجار وأنكر عليهم وتكلم كثيرا وأمر بمجيء قاضي مكة إلى جدة فدخل عليه حتى يعيد بجدة لأجل الخطبة والصلاة بالناس، ثم أن الجمال محمد بن راجح بن شميلة بجدة أصلح بين المشد وقاضي جدة وأرسل لباش مكة يقول له أن هذا المشد متعدي بحكمه بجدة، وأن كان معه مرسوم بالحكم يفعل وإلا فالعادة إذا سافر نائب جدة ما يحكم إلا جماعة الشريف فإن شئت بطلنا [فأذعن] (٢) وسكت عن قاضي جدة (٣).

وفي أخر يوم الثلاثاء تاسع عشري الشهر حصل أخر النهار بعض مطر يسير ثم طلع القاضي والباش الجبل جبل أبي قبيس لرؤية الهلال والرشاش يرش ثم قوي عليهم بعد أن وصل بعضهم ورجع هو وبعضهم إلى المسجد ثم نزل الآخرون، ووقع بعد المغرب مطر قوي متواصل إلى العشاء ثم صار يسكت ويأتي حتى سكت في أثناء الليل ودخل المسجد السيل من باب السويقة وأتلف المسجد والطواف وقالوا دخل أيضا [من] (٤) باب العجلة، وأصبح القاضي الناظر الصلاحي وجاء إلى الطواف وحضر الفراشون فكنسوا الطواف ثم غسلوا الطواف ونظفوه بعد أن أخرجوا الزبل (٥)


(١) قر: أي أعترف. انظر: ابن منظور: لسان العرب ١١/ ٩٩، مادة (قرر).
(٢) وردت الكلمة في الأصل "فادعن" والتعديل من (ب) لسياق المعنى.
(٣) يشير المصنف إلى شدة بعض الموظفين المسؤولين وخاصة أنهم من الفقهاء والقضاة والذين يفترض فيهم تنفيذ شرع الله بالعدل والإنصاف، فليس من حق قاضي جدة أن يضرب شخصا ضربا مبرحا حتى أنه شفع فيه فلم يشفع، ولولا تدخل بعض المسؤولين والأشراف لما تمكنوا من العفو عن هذا الشخص. وفي هذا إشارة إلى عدم استتباب العدل.
(٤) ما بين حاصرتين لم يرد في الأصل، وما أثبتناه من (ب) لسياق المعنى.
(٥) الزبل: لغة: السرفين، وهما فضلة الحيوان الخارجة منه، والمزبلة: مكان طرح الزبل وموضعه، والجمع: مزابل. انظر: محمود عبد المنعم: معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية ٢/ ١٩٨.