للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي يوم الاثنين سادس عشر الشهر شرع القاضي المالكي في مقدمات طهار ولده فخرج في هذا اليوم المؤذنة للإعلام بليلة الحناء، وبيوم طهار الولد حصل لها نحو ثمانية أشرفية فإنه لم يكن عنده أحد إلا بعض إناس منهم القاضي الحنفي، وفي ليلتها أو اليوم الذي قبلها ضربت [النقارة] (١) عند البيت بعد العصر في الليل وعمل لعب أيضا بقاعته ليلة الثلاثاء وليلة الخميس، وفي ليلة الأربعاء ثامن عشر الشهر كانت الزفة من الصفا وحضر الموجودون بمكة ولم يكونوا كثيرا وكذا الشمع فإنه لم يأخذ شيئا من حق الحرم لغيبة الناظر، وإنما استعمل أخشابا لبسوا شمعا وستة مفرعات، وكان الراكب مع المطهر أربعة، وفي صبح ليلة الخميس تاسع عشر الشهر عملت زفة من المروة بها إناس قليلون، ووقع الطهار بقاعته ومعه اثنان وعمل السماط بحضرة الناس ولم يكن به الترك وكان سماطا حسنا، وحصل عند الطهار لصق من الحاضرين قريب الخمسين أو أزيد من الأربعين وذكر أنه حصل له من السيد بركات خمسون أشرفيا، ومن السيد قايتباي أربعون وقال الناس أنه بجده أخذ من كل أحد من المعروفين والله أعلم (٢).

وفي النصف من الشهر فرقت الصدقة الواصلة من الهند من الملك إياس وهي ألف شاش وشاش، وألف قميص وقميص، وألف منديل ومنديل، وألف فوطة وفوطة ولأهل المدينة ربعها ولصاحب مكة ثلث ما لأهلها وهو الربع بقي النصف يقال أن


(١) وردت الكلمة في الأصول "النقادة" وما أثبتناه هو الصواب.
(٢) اهتم المؤرخون في مكة بتسجيل كثير من العادات الاجتماعية لأهلها، وكان العز ابن فهد دقيقا ماهرا في رصد أحداث المجتمع وها هو يصف أن القاضي المالكي - النجم ابن يعقوب - احتفل بطهارة ولده فعمل زفة وتم زف الولد الطهير في ليلة الحناء وتقدم الموكب القاضي الحنفي وقام القاضي المالكي بإنفاق ثمانية أشرفية في هذه الليلة. كما حدد المصنف مكان الزفة التي بدأت من الصفا كما كان يتم عمل الحلوى من المشبك واللوزية واللصق من الحاضرين وكان الأشراف يجاملون العلماء في هذه المناسبات، وهذا ما حدث من الشريف بركات وقايتباي.