بعيد العصر عند باب الكعبة قاضي القضاة الحنفي ودفن من يومه، بالمعلاة عند أولاده، وخلف أولاد ذكورا أربعة أو خمسة وزوجتين، وعند بروزه من بيته جاء محيي الدين بن زقيط إلى أمير الباش جان بردي وقال له أن هذا الميت تاجر وأنه غرم لجازان، وبركات، وهزاع، وكاتب السر وأظن أنه صاحب عشرة آلاف فأرسل أعوانه فوجدوا الغاسل في الطريق فأعادوه يريهم البيت فوجدوا الجنازة بالطريق فتوجه بعض الأعيان إلى البيت وجلسوا بالباب إلى الصباح، ولما دخلوا بالجنازة إلى المسجد توجه القضاة وبعض الناس إلى الباش وقالوا له كيف هذا الحال فأجابهم أن هذا ما هو إلا من محيى الدين بن زقيط ثم عادوا وسكتوا إلى الصباح، فاجتمع القضاة والتجار إلى الخواجا شمس محمد بن عباد الله الرومي، بعد أن كان القاضي الحنفي أرسل بالليل إلى الأمير يسأله عن هذا الأمر فقال له مع الرسول ما تقدم فعرفوا أن الأمر من محيي الدين فأرسل له عباد الله فحضر وقال نعم أنا قلت [أو أنا](١) عين السلطان ومن يبرز فجاوبوني كلهم على أن يوقف الحال حتى يصل القاضي النوري علي بن خالص من الحجاز، ولا قوة إلا بالله والله يقدر للمسلمين ما فيه الخير.
وفي يوم الخميس حادي عشر الشهر وصل الخبر إلى مكة أن ثلاثة جلاب وصلوا من الطور إلى جدة، وفيها الشريف نظام الدين زوج بنت قاوان وبعض تجار، وإبراهيم البصري زوج كماليه بنت القاضي أبي السعود وجاءت أوراقه بمكة وأنه يصل قريبا، وأن القاضي الشافعي صلاح الدين وعمه واصلان بعده.
وفي ليلة السبت ثالث عشر الشهر وصل القاضي النوري بن خالص من المدينة.
وفي ليلة الأحد التالية له دخل مكة الشريف نظام الدين صهر الخواجا الشمس محمد قاوان من جدة، مجيئه من مصر، وأخبرني أن الأمير خير بك واصل من
(١) وردت الكلمة في الأصل "أو نا" والتعديل من (ب) لسياق المعنى.