للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرسوما بأن يحكم بجدة والطائف وحيث ما حل ركابه فأمر له به فلما وصل قال للشهود أكتبوا في ترجمتي ذلك فكتبوا له فتشوش الشافعي لذلك وقال أي شيء بقي لي من الريادة على غيري لا أنفذ له حكما فإن شاء هو ينفذ لي أو لا ينفذ، فجاءه حكم له فلم ينفذه وأرسل للحنفي ابن المرشدي أنه هو الآخر لا ينفذ للمالكي شيئا فأخبر المالكي بذلك فأشاع المالكي ذلك فأنكر الحنفي فحلف المالكي بطلاق (١) من أم أولاده أنه قال له ذلك، وحلف الآخر بالله أنه ما قال له ذلك، فقيل للحنفي أحلف بالطلاق أنك ما قلت ذلك فقال لا أحلف بطلاق، وقال الشافعي بعد أن حلف المالكي بطلاق هو أصدق.

وفي يوم الاثنين سابع عشر الشهر جاء الخبر إلى مكة أن جلبتين كانتا متوجهتين إلى الطور فغرقتا إحداهما بالجرف (٢) بالقرب من رابغ، ومات خلق كثير منهم عبد الله ابن بيسق الفراش وثلاثة من أولاده الصغار كانوا معه من الهواء، وسلم من واحدة اثنان، ومن واحدة نحو العشرين ووصل بأجر واحدة، ويقال: أنه كان معه لنفسه سبعة آلاف وديعة للناس خمسة، ودين عليه أربعة آلاف وأعطاه الخواجا شمس الدين القاري لما وصل مكة مائة دينار وقماش بخمسين دينار، والله يرحم الغرباء ويخلف على أهل المال.


(١) يشير المصنف إلى خطأ وقع من أحد القضاة وهو أنه أقسم بالطلاق مع علمه بأنه لا حلف إلا بالله، وهذا الفعل يشين إلى ذلك القاضي، ويبدو أنه كان من القضاة الذين يتولون هذه الوظيفة بالرشوة.
(٢) الجرف: موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام، وفيه بئر جشم، وبئر جمل، قالوا: سمي الجرف، لأن تبعا مر به فقال: هذا جرف الأرض وكان يسمى العرض، وفيه قال كعب بن مالك:
إذا ما هبطنا العرض قال سراتنا … علام إذا لم نمنع العرض تزرع
انظر: ياقوت الحموي: معجم البلدان ٢/ ١٢٨. البلادي: معجم معالم الحجاز ٢/ ١٤٠.