للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطاف الباش بخلعته وخرج من باب الصفا راكبا إلى بيته. ومرسوم القاضي الشافعي يحتوي على الشكر منه وأن يشد عضده وتقوى كلمته، وأن لا يعارض ويكون كما كان أبوه وجده وأن لا يستنيب أحد من القضاة من غير مذهبه لا في مكة وجدة والحجاز، وإذا منع أحد من الشهود لا يعيده إلا هو، وأطلق الشافعي لسانه في المالكي ونادى الشهود وقال لهم لا يكتب أحدا للمالكي القاضي بجدة والحجاز وحيث حل ركابه، ومن فعل ذلك ضربته وقطعت أكمامه وعزرته، وفيه اجتمع بالخواجا محمد بن يوسف القاري وأطلق لسانه فيه، وقال أن المرسوم الذي معه مزور وجاءني كتاب كاتب السر وكتاب ناظر الخاص وغيرهما وهم ينكرون أنه كتب مرسوم بأنه يحكم بجدة وبالحجاز، وأظهر المالكي مرسومه بذلك ولا بأس وأمر الشهود أن كتبوا له قاضي القضاة فتعطل الحال أياما إلى أن دخل بينهما على أن يترك الكتابة به الحاكم بجدة وكتب له حيث حل ركابه إلا بجدة والحجاز، واجتمع كل منهما بالآخر في بيته وتصافيا، والله يوفقنا وجميع المسلمين، وكان الصلح في يوم الثلاثاء ثاني عشر الشهر.

وفي ليلة السبت تاسع عشر الشهر توجه الأمير الباش خير بك المعمار للسيد بركات وهو بالقرب من جدة واجتمع به ودخل جدة وعاد لمكة أول ليلة الأربعاء ثالث عشري الشهر، ووصل معه في هذه الليلة لمكة الأمير الخادم بشير (١) العائد من


(١) هو الخادم أو الطواشي بشير أرسله السلطان قانصوه الغوري إلى بلاد اليمن قاصدا إلى بعض ملوكها وإلى بعض ملوك الهند لكي يتعاونوا جميعا مع عسكره على قتال الفرنجة العابثين بسفن التجارة في المحيط الهندي. وذلك في ١٤ ربيع الأول عام ٩١٦ هـ/ ١٥١٠ م على أثر حضور رسول الملك محمود شاه صاحب كنباية وآخرين من ملوك الهند يطلبون سرعة تجهيز تجريده ضد هؤلاء الفرنجة لكثرة عبثهم، ولأنهم أوشكوا أن يستولوا على بعض بلاد الهند. انظر: ابن إياس: بدائع الزهور ٤/ ١٨٢ وما بعدها. محمود رزق سليم: موسوعة عصر سلاطين المماليك ٢/ ٢١٦.