للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي أوائل الشهر أشيع أن السيد بركات بن محمد توجه لمصر إما قهرا أو مسكا لكون العرب أحتاطوا به، وأرسل السلطان تجريده وأخذوه لمصر فسمع العرب (١) ذلك فأرادوا بعضهم بعضا فسمع الأمير الباش أو نائب مكة علي بن مبارك فتوجه للباش فأمر الباش مناديا ينادي: أن لا أحد يتكلم فيما لا يعنيه ومن تكلم ما يحصل له خير، وأن السيد بركات في خير وعافية وقد وصل إلى ينبع بالسلامة، فما كان بأسرع من أن جاء الخبر بوصول السيد بركات إلى ينبع سابع الشهر، وجاءت أوراقه بذلك، وأن الذي أخره إلى الآن إنما هو لأجل جمالهم ضعيفة فصاروا يمشون قليلا قليلا، وكان وصول ذلك لمكة آخر يوم الأربعاء حادي عشر الشهر، فنادى الأمير الباش بالزينة سبعة أيام وصار أهل مكة يجتمعون على العادة صباحا ومساء، ويذهبون إلى بيت الشريف وتضرب النقارة ويلعبون بالرقص والصفق والمقاداة، والله يبقيه للحجاز ويحفظه على المسلمين (٢).

وفي يوم الاثنين سادس عشر الشهر ثلاثة من مماليك الأمير ركبوا خيلا ولبسوا الزرديات كلهم أو بعضهم، وأخذوا السلاح ومشى أمامهم القواسة بالسلاح وخرجوا على الناس وبدوانا لعبيد السودان، وكانوا يلعبون ببيت الشريف ومسكوا بعضهم وهرب بعضهم وسلب بعضهم وحبس من مسك إلى الصباح، ثم ذهبوا إلى المسعى وإلى باب السلام فوجدوا خلقا هناك فضربوا من ضربوا واستلبوا من استلبوا،


= انظر: السخاوي: الضوء اللامع ٩/ ٢٨٢. الشوكاني: البدر الطالع، ص ٧٧٧.
(١) المقصود بهم عربان مكة. انظر: العز ابن فهد: غاية المرام، ج ٣، ص ٢٢١.
(٢) كان من عادة المماليك أن يوقعوا بين الأشراف على طريقة الاستعمار الحديث (فرق تسد) ويبدو أن الشريف بركات لما استدعي إلى مصر راجت إشاعة في مكة بأنه قد قبض عليه من قبل المماليك أو حددت إقامته، ولذا هاج الناس وما سكنت الفتنة إلا بعودة الشريف إلى مكة.