للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أعلى (١) مكة، لكنهم من المدعا (٢) مشى أمامهم طبل الباش وزمره، وعرجوا على القرارة (٣) إلى السويقة إلى بيتها، ولاقاهم أيضا بالطريق المغاني وضربوا بأدفافهم إلى أن وصلوا إلى البيت وكان عند البيت مغاني النساء فضربوا أيضا لما وصلت الشقادف (٤).

وفي ضحوة يوم الثلاثاء ثاني عشري الشهر وصل قاضي القضاة جمال الدين أبو السعود إلى مكة المشرفة، فوافاه الناس بالسلام وهنئوه بالزيارة، ولم يتخلف إلا من لا نوبة له فالله يعامله بلطفه الخفي ويكفيه شر الأعداء والحاسدين.

وفي يوم الأربعاء ثاني تاريخه شرع في تكملة كتاب الشفاء للقاضي عياض في الصبح، وفي قراءة البخاري للسلطان، وكان ابتدئ في قرائتهما في جمادى الآخرة، وفي


(١) وردت في الأصل "أعمل" والتعديل عن (ب).
(٢) المدعا (المدعى): وهو الردم الذي عمله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بأعلى مكة وذلك بسبب السيل المعروف بسيل أم نهشل عام ١٧ هـ الذي دخل المسجد الحرام واقتلع مقام إبراهيم من مكانه فشق ذلك على عمر بن الخطاب فقام وعمل هذا الردم صونا للمسجد الحرام. وقال ابن ظهيرة في الجامع اللطيف أيضا "الردم الذي بأعلى مكة لم يكن إلا في زمن عمر بن الخطاب ويعرف الآن بالمدعى". الأزرقي: أخبار مكة ١/ ١٦٧، الفاسي: شفاء الغرام ١/ ٤٧٦، ابن ظهيرة: الجامع اللطيف، ص ٢٠٢. ويعروف اليوم بسوق المدعى قرب الساحة الشرقية من المسجد الحرام.
(٣) القرارة: وهي حي من أحياء مكة، في شمال الحرم في جبل قعيقعان تفصل جبل شيبة شرقا، يصعد إليها الفلق وكانت تعرف بقرارة جبل شيبة واليوم عامرة بالبنيان والمحلات التجارية (لوقوعها حول الحرم). البلادي: معجم معالم الحجاز ٧/ ١٠٥.
(٤) خالف المؤلف نهجه في ذكره لهذه الوفاة حيث أهتم بالزفة التي تتنافي مع الشرع ولم يذكر الدفن.