للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن شموعهم التي هي مثل هؤلاء أكثر من ذلك، بل سمعت أنها خمسون غير الكفوف، وأمامهم المشاعل، والطبل، والزمر، والمغاني بدفوفهم (١) وانقلب الناس للتفرج على ذلك، وكان منهم الخواجا الجمالي الطاهر وولداه، وأخوه، وابنه، وبعض التجار الأعاجم معه، وجلسوا بباب الفومنى، ولما مر المغنون أصحاب الدفوف عليهم الصقوا عليهم، وكان جملة ذلك سبعة دنانير، واستمرت الزفة إلا أن النساء بالشموع إلى بيت العروس، وكان مرورهم من ناحية بيت القاضي كمال الدين أبي البركات بن ظهيرة، وكان والد العريس، قاضي القضاة الشافعي الجمالي جمله الله وأعلا شأنه جالس على دكة برحبة دار ولده العريس وعنده القاضي المالكي وكثير من جماعته، وبعد تكامل دخول النساء [بلحظة] (٢) قام القاضي وسلم الرجال عليه وتفرقوا، ولعب النساء بالبيت ومعهم المغنون من النساء، واللعبة فأطربوا، وألصق عليهم النساء الفضة، وأطعموا النساء الحلاوة السكرية وغيرها، وتفرقوا في أثناء الليل والله يتم ذلك عليهم بخير وفي خير.

وفي ليلة الخميس، رابع عشر الشهر، كانت زفة الشهابي أبي المحاسن بن قاضي القضاة الشرفي أبي القسم بن الضياء الحنفي بقضاة القضاة، خلا الحنبلي لشنآن بينهما، وبالفقهاء، وبعض التجار وغيرهم، وكانت من المروة وشقوا بها المسعى، واستمروا إلى بيت بديد فإن العرس كان به، ولم يعمل به فازة، بل زيد في دكة صفة القاعة التي في الحوش لأجل السماط، ولما وصل الناس سلموا وانصرفوا، وعمل عند


(١) الدف: بالضم آلة طرب ينقر عليها، وهو الدف العربي المدور بوجه واحد، ويسميه الناس الطار. الجوهري: الصحاح ٢/ ١٠٤٢. الخزاعي: تخريج الدلالات السمعية، ص ٧٥٨. إبراهيم أنيس ورفاقه: المعجم الوسيط ١/ ٢٨٩.
(٢) وردت في الأصل "بلصخة" والتعديل من النسخة "ب" لسياق المعنى.