للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي ليلة الجمعة، ثاني عشري الشهر، كان الشراع بالفازة، وحضر ذلك القضاة الأربعة، والخطيب، وغالب الفقهاء، وهم فوق دكك، والتجار بالفازة، وممن حضر الشريف إسحاق، وأجلسه قاضي القضاة الشافعي عنده بالدكة، والخواجا محمد الطاهر، وكان يحضر ليلا ونهارا، وحضر أبو العباس (١) بن قاوان وكلاهما بالفازة وجاء ابن الزمن ليجلس فحلف عليه قاضي القضاة وشيعه، وحصل في تلك الليلة، لصق من القضاة، والفقهاء، والتجار، على من يرقص، فإن القاضي امتنع من عمل المنديل، فكان ما الصقه القضاة وكبار الفقهاء سبعة سبعة (٢)، ومن يليهم ستة ثم خمسة ثم أربعة، ثم ثلاثة، ثم إثنين وأظن أن التجار كذلك، وكان من المبهجين [الأزهريين] (٣) في تلك الأيام ولياليها ناصر الدين الأزهري، أو أحد المنشدين والمحاملين على طريقة ابن سودون (٤)، وأصرف في هذه الليلة على المواجب، وكان المتقدم في ذلك الجمالي البوني، فأعطى مغاني أهل فوق خمسة عشر، وأهل أسفل ثمانية، والمطربين عشرة، وكذا صاحب النعارة (٥)، ومطربين أهل جدة سبعة، وجميع المصروف يسيرا على قدر المتحصل.


(١) أبو العباس بن قاوان، هو ابن الخواجا الشهير الشيخ محمد بن الخواجا الشهاب أحمد بن قاوان وأمه حبشية لأبيه، ولد ونشأ في كنفه، ومات أبوه وكان الشريف إسحاق وصيه سافر إلى القاهرة في سنة ٨٩٧ هـ. توفي بالطاعون سنة ٨٩٧ هـ. السخاوي: الضوء اللامع ١١/ ١١٩.
(٢) أي الصق القضاة سبعة اشرفية وكذلك الفقهاء سبعة اشرفية.
(٣) وردت في الأصول "الزهرين" وما أثبتناه هو الصواب لسياق المعنى.
(٤) علي بن سودون العلاء اليسبغاوي القاهري ثم الدمشقي الحنفي، ولد في سنة ٨١٠ هـ بالقاهرة، ونشأ بها فقرأ القرآن، وحج مرارا وكان يؤم الناس في الصلاة، وكان بارعا في الأدب، مات في منتصف رجب سنة ٨٦٨ هـ، وسلك في الأدب طريقة هي غاية في المجون والهزل والخلاعة. السخاوي: الضوء اللامع ٥/ ٢٢٩.
(٥) النعارة: مشربة من فخار تصوت إذا شرب منها. المنجد في اللغة والأعلام، ص ٨١٩.