للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القاضي [حسين] (١): ما يرضيني إلا نفيه، فأخذه الوالي ناصر الباش وحبسه وأركبه حمارا وذهب به في الحال إلى جدة، وكان ذلك وقت المغرب فرجمه الناس رجما كثيرا، ثم سمع الأمير بالحكاية على وجهها فتغيظ وأمر برد الصبي، وأغلظ في المقال هو ومماليكه، وأستشهد الخازندار بحاتم [فخرج] (٢) ثم أصلح الباش يقال: بمائة دينار وجماعته بنحو الخمسين، واجتمع به القاضي في يوم الأحد واسترضاه.

وفي يوم الجمعة، المذكورة فرق قاضي القضاة الشافعي ناظر المسجد الحرام الجمالي أبو السعود بن ظهيرة الصدقة البنقالية (٣) ولا يعرف أصلها، ويقال: إنها كبيرة جدا بحيث يقال: أن أصلها بستين ألف دينار، وأن الذين حملوها سمعوا في الطريق بموت مرسلها، وهو الحبشي الذي استولى على بنقالة، فنهبوا منها وتفرقوا، وأن الواصل إلى عدن قال شيخ الكعبة: أنه بنحو ثلاثين ألف دينار ثم سمعنا أن الواصل إلى مكة مائة وخمسون كورجة (٤) وقناديل (٥) فضة كبارا وصغارا وأنها للحرمين وللقدس وللخليل (٦)، فبيع في بيت القاضي بحضرة التجار لبعض من الشاشات، يقال: إنه


(١) ما بين حاصرتين لم يرد في الأصل ن وما أثبتناه من النسخة "ب" لسياق المعنى.
(٢) وردت في الأصل "فخندح" والتعديل من النسخة "ب" لسياق المعنى.
(٣) الصدقة البنقالية: هي الصدقة الواصلة من سلاطين بنجالة من الهند، وكانت هذه الصدقات تصل كل عام من ملوك الهند حتى نهاية العهد المملوكي.
(٤) الكورجة: هي وحدة عددية تستخدم للأقمشة بأنواعها. ابن المجاور: تاريخ المستبصر، ص ١٤١.
(٥) القنديل: مصباح كالكوب في وسطه فتيل، يملأ بالماء والزيت ويشعل. إبراهيم أنيس ورفاقه: المعجم الوسيط ٢/ ٧٦٢.
(٦) كانت الصدقات التي تصل من حكام بنقالة وغيرها من البلاد الإسلامية غير مقصورة على الحرمين فقط بل كانت تصل كذلك للمسجد الأقصى بالقدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ولمسجد الخليل كذلك وهذان المسجدين بفلسطين السليبة.