[من منهج أهل السنة والجماعة في تلقي العقيدة التزام العدل والإنصاف مع الأعداء]
النقطة الثالثة: التزام العدل والإنصاف مع الأعداء، أنا جئت بهذه المسألة متأخرة حتى أربطها بالنقطة التي سبقتها.
التزام العدل والإنصاف حتى مع الأعداء قال تعالى:{وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[المائدة:٨] هذا هو منهجنا.
منهجنا أننا إذا رأينا المحسن قلنا له: أحسنت، وإذا رأينا المسيء قلنا له: أسأت، وإذا رأينا صاحب الخطأ قلنا: هذا خطأ، وإذا رأينا صاحب الحسنة قلنا: جزاك الله خيراً على هذه الحسنة، هذا هو منهجنا.
إذاً: نحكم على الجميع بناءً على أعمالهم، ولا نغطي أعيننا عن الحسنات ونظهر السيئات أو العكس، وهذه مسألة لا داعي للدخول في تفصيلاتها، ولكنكم تعرفون أن هناك كثيراً من الناس يعيشونها بطرفيها المتناقضين.
يعني: بعض الناس الآن يغمض عينيه عن أخطاء هائلة جداً تصدر من أشخاص أو من جماعات أو من تجمعات أو من غير ذلك ولا يلقي لهذه الأخطاء بالاً أبداً؛ لأنه يحب هذا التجمع فيثني عليه على وجود الخطأ.
وإذا كره جماعة أخرى أو أفراداً أو أشخاصاً أو غير ذلك فإنه يظهر مساوئهم بشكل كامل، ولا يلقي بالاً للحسنة، هذا ليس من منهج السلف؛ فمن سار على ذلك فقد خالف السلف، وما أكثر الذين يخالفون السلف في هذه المسألة! وقد ورد عن أبرز السلف - وهم الصحابة - أنهم كانوا يثنون حتى على الغرب، عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه أثنى على الروم، فبين في كلام طويل له أن الروم فيهم وفيهم وأنهم يعدلون مع رعيتهم، لاحظوا! الروم وكفرة ومن أهل النار إذا ماتوا على ما هم عليه ومع ذلك أثنى عليهم.
إذاً: قوله تعالى: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ}[المائدة:٨] طبقها عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ولا بد أن نكون على نفس المنهج، وأن نسير على ذات المنهج، فلا نتطرف يمنة ولا يسرة، بل نقول للمحسن: أحسنت، وللمسيء: أسأت.