المسألة الخامسة: التأدب مع نصوص الوحيين، وهذه من النقاط الهامة التي نقع فيها نحن وللأسف، وهذا منهج سار عليه السلف، أما نحن فإننا وللأسف نخالفه.
مثال ذلك: عندما يأتيك إنسان وأنت قد عملت مخالفة معينة صريحة ويقول لك: يا أخي! اتق الله، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول كذا وكذا، الله سبحانه وتعالى يقول كذا وكذا، أنت تسمع وتقول: طيب إن شاء الله، جزاك الله خير، وتمشي ولا تلقي بالاً لهذا الكلام، الله يخاطبك والرسول يخاطبك وأنت تضرب بهذا الكلام عرض الحائط.
هل هذا هو منهج السلف؟! دخل عبد الله بن مغفل المزني الصحابي الجليل على ابن أخيه وإذا هو يحذف بالحصى، فقال له: يا ابن أخي! لقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحذف بالحصى وقال: (إنها لا تصيد صيداً، ولا تنكأ عدواً، ولكنها تفقأ العين، وتكسر السن).
إذاً: نقل له نص الرسول عليه السلام، جاء إليه في اليوم الثاني وإذا هو يحذف بالحصى؛ فغضب غضباً شديداً وقال: أقول لك قال رسول الله كذا وكذا وتعود! والله لا أكلمك أبداً، لاحظوا ابن أخيه فلم يكلمه؛ لأنه لم يتأدب مع نصوص الوحيين، ولم يأخذها على أنها نهي من الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنه كان جالساً مع أولاده، فإذا بـ عبد الله بن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، فقال ابنه بلال: والله لنمنعهن) فغضب عبد الله بن عمر غضباً شديداً وقام إلى ابنه وضربه، ثم حلف ألا يكلمه.
أين التأدب مع نص الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أين التأدب مع قوله عليه السلام؟ هنا كان الجزاء في عدم التأدب هو الضرب والمقاطعة.
أما نحن في هذا الزمن فكثيراً ما تأتينا الأحاديث والنصوص، بل والآيات القرآنية الصريحة وليس أن ندخلها من هنا ونخرجها من هنا، بل لا ندخلها أبداً، وهذه مسألة تخرج كثيراً من الناس من منهج السلف؛ ولذلك منهج السلف هنا منهج يحتاج إلى مجاهدة وبذل وعمل، ويحتاج إلى ضبط النفس حتى يكون الإنسان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
المسألة ليست غاية في السهولة، لا، إذا كنت تريد أن تسير على منهجهم فلا بد أن تكون مثلهم، أو لا بد أن تقلدهم، أو على الأقل تقترب منهم قدر جهدك شيئاً فشيئاً؛ حتى تكون معهم، وتحشر معهم.