أما المظلة الثالثة: فهي نقل النجاح من مكان إلى آخر، ولعلكم تعرفون أن الحكومة الرومانية حاولت بعد رفع عيسى عليه السلام إلى السماء، وبعد أن رأى اليهود هؤلاء النصارى يتغلبون عليهم واحداً تلو الآخر، ومعركة تلو الأخرى، فحاول اليهود إفساد الديانة النصرانية، فجاء شاءول اليهودي ودخل في دين النصرانية محاولاً إفساد ديانتهم، وسمى نفسه: بولس، فبدأ يتلقى عقائد الرومان، ويدخلها بسهولة وبيسر في عقائد النصارى ويستجيبون له، فأدخل التثليث والصلب والفداء وقضايا كثيرة، إلى أن جعل عقيدة النصارى متفرقة شيعاً وأحزاباً، فقام اليهود بالقضاء عليهم واحداً تلو الآخر.
ثم تجاوز اليهود حدهم فناوشوا الرومان، فعندما رأى الرومان هؤلاء اليهود قد كبروا أكثر من اللازم شردوهم وقضوا عليهم وطردوهم، فتشردوا في بلاد الله الواسعة، وذهبوا إلى أوروبا وتشردوا فيها، والأوروبيون آنذاك يعرفون أن الذي قتل عيسى ابن مريم هم اليهود، إذاً: لا بد من محاصرتهم والقضاء عليهم ومضايقتهم، وفعلاً ضايقوهم مضايقة عجيبة، وجعلوهم ينحصرون فيما يسمى: بالغيتو أو الفيتو، وهو: عبارة عن تجمعات صغيرة مجاورة للمدن، حتى إنه وضع عليها أسلاك شائكة لا يدخل اليهودي ولا يخرج إلا باستئذان، فبدأ اليهود يفكرون في القضاء على الكنيسة المسيطرة آنذاك على أوروبا، فبدءوا باستخدام المال والنساء في إغواء الطبقة القوية، والطبقات آنذاك كانت طبقتين: طبقة الإقطاعيين، وطبقة العمال، فبدءوا بالاحتكاك بالنبلاء على أن يعطوهم الاحترام والتقدير في بداية الأمر، ثم بدءوا بالتركيز على فرنسا؛ حتى لا يتشتتوا، فبدأ النبلاء الفرنسيون يثقون باليهود، فصار اليهود يتحكمون بهم، ثم بعد ذلك أشاروا على النبلاء هؤلاء بالخروج على الكنيسة فوافقوهم، وحصلت الثورة الفرنسية في القرن السابع عشر بقيادة اليهود.
وعندما نجحت الثورة قام اليهود لهؤلاء العمال فأعطوهم الأموال الطائلة، والأراضي والمزارع، فلما رأت ذلك البلدان الكنسية طمعوا في الوصول إلى مستوى فرنسا المعيشي فحصلت بعد ذلك الثورات وتتابعت، وكل يدرى أن السبب الرئيسي في الجوع والفقر هو الكنيسة، فأسقطت الكنيسة وحوصرت في منطقتها، واستطاع اليهود بنجاح فصل الناس عن دينهم، ثم أخذوا ببث أبواقهم التي تدعو إلى عقائد منحرفة من نسيج خيال اليهود، فظهر أمثال: فرويد داروين، ودور كليم، وأسبينوزا، وسارتر، وماركس، وأنجلز، وهيقل، فبدءوا ينشرون أفكارهم وعقائدهم حتى صارت أوروبا أحزاباً وشيعاً يتحكم بها اليهود كيفما شاءوا.
فاليهود الآن يتحكمون في أوروبا وفي أمريكا، وأمريكا تعتبر امتداداً لأوروبا، فعندما رأى اليهود النجاح الذي حققوه في أوروبا طمعوا في نقل هذا النجاح إلى العالم الإسلامي، فلجئوا إلى المظلة الرابعة.
والمظلة الرابعة تختص بالأفكار والمذاهب المعاصرة، كالعلمانية، والحداثة، والاشتراكية، والماركسية، والقومية، وقد وجدت هذه الأفكار من يتلقفها واحداً تلو الآخر، ثم نقلوها إلى العالم الإسلامي، ثم ظهرت الطريقة العسكرية عن طريق الاستعمار الحديث الذي فرضه الأعداء على دول كثيرة: كالجزائر وتونس والمغرب والعراق ولبنان وغيرها، وهناك طريقة أخرى غير مباشرة: إما عن طريق بعثات التعليم التي ذهبت وتلقت العلم ثم رجعت تنفذ الأهداف، وإما عن طريق النصارى العرب الموجودين داخل المجتمع المسلم.