[قصة النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته لأهل الطائف]
خرج عليه الصلاة والسلام إلى الطائف، حين رفضت قريش الدعوة واستهزأت به، فماذا يفعل النبي صلى الله عليه وسلم؟ هل يتوقف؟ يغلق الأبواب؟ لا، بل أخذ يفتح أبواباً أخرى، والأبواب كثيرة، فاتجه عليه الصلاة والسلام إلى الطائف، والتقى ببني عبد ياليل بن عمرو من زعماء الطائف، ودعاهم إلى الله عز وجل؛ فماذا قالوا له؟ أما الأول: فقال له: إنني أمزق أستار الكعبة إن كان الله بعثك.
وقال الثاني: أما وجد الله أحداً يبعثه غيرك.
وقال الثالث: والله إن كنت صادقاً لأنت أجل في عيني من أن أكلمك، وإن كنت كاذباً لأنت أحقر في عيني من أن أكلمك.
فهو لا يريد أن يكلمه بأي صورة من الصور سخريةً في الإجابة ورداً سيئاً، فقال لهم عليه الصلاة والسلام: إذاً: اكتموا علي، لكن هل كتم عنه هؤلاء المجرمون؟ لا، بل أغروا سفهاءهم وعبيدهم وصبيانهم، بأن يرجموا المصطفى صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم بالحجارة حتى سال الدم من عقبيه وعندها لجأ إلى حائط لـ عتبة بن ربيعة، ثم بعد ذلك رجع إلى مكة.
وقبيل وصوله إلى مكة أتاه جبريل فسلم عليه وقال: يا محمد! هذا ملك الجبال معي -كما صح ذلك في البخاري - فسلم عليه ملك الجبال وقال:(يا محمد! لقد علمت ماذا فعل بك قومك، والله لو شئت لأطبقت عليهم الأخشبين) -جبلي مكة- يطبقه على أبي جهل وعلى أبي لهب وأمثالهما.
ولو شاء النبي صلى الله عليه وسلم لانتهز الفرصة وقال: هؤلاء أهل إجرام، هؤلاء فسقة كفرة وفجرة، ليس لهم علاج إلا هذا، اللهم أهلكهم، اللهم دمرهم، ولكنه لم يقل ذلك عليه الصلاة والسلام.
فانظروا إلى هم الدعوة، وانظروا إلى هم حمل الإسلام، قال:(لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئاً).
الله أكبر، لنا في رسول الله أسوة، ولنا في رسول الله قدوة، ولنا في رسول الله منهج، فهل أخذناه أم لا؟ يقول ابن حزم رحمه الله: لو لم يكن للمصطفى صلى الله عليه وسلم معجزة إلا سيرته لكفاه.