بما أننا قررنا أن ندخل في التشيع دخولاًَ علمياً سيكون الدرس القادم إن شاء الله محتوياً على موقف الشيعة من القرآن الكريم، وموقف الشيعة من السنة، وسندخل في ذلك بشكل موسع، ونقرأ نصوصاً من كتبهم حول هذه المسائل وحول هذه المعاني، ثم ندخل في أنواع التوحيد عند الشيعة، ثم نحاول قدر الجهد في الدرس القادم أن نستعرض أغلب عقائد الشيعة الأساسية وسنعرض في حلقة مستقلة مواقفهم من الإسلام والمسلمين قديماً وحديثاً.
أولاً: تعريف التشيع في اللغة: يقول صاحب لسان العرب في مادة (شيع) في الجزء الثاني صفحة (٢٧٢) يقول: الشيعة أتباع الرجل وأنصاره، وقد غلب هذا الاسم على من يوالي علياً وأهل بيته حتى صار اسماً خاصاً لهم.
يعني: صار إذا قيل للإنسان: شيعي عرف أنه ممن يوالي آل البيت موالاة فيها مغالاة، فإذا قيل: فلان من الشيعة عرف أنه منهم، وأصل ذلك من المشايعة وهو المتابعة والمطاوعة.
أما الجوهري في الصحاح فيقول في الجزء الثالث صفحة (١٠١٢): شيعة الرجل أتباعه وأنصاره، يقال: شايعه كما يقال: والاه من الولي، وتشيع الرجل أي: ادعى دعوى الشيعة، والشيعة هي الفرقة.
أما التعريف الاصطلاحي فهناك تعاريف كثيرة جداً، اقتصرت على تعريف واحد ذكره الشهرستاني في الملل والنحل في الجزء الأول صفحة (١٤٦)، يقول: الشيعة هم الذين شايعوا علياً رضي الله تعالى عنه على الخصوص، وقالوا بإمامته وخلافته نصاً ووصية، إما جلياً وإما خفياً، واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده، وإن خرجت فبظلم يكون من غيره أو بكبوة من عنده، وقالوا ليست الإمامة قضية مصلحية تناط باختيار العامة وينتصب الإمامة بنصبهم، بل هي قضية أصولية، وهي ركن الدين لا يجوز للرسل عليهم الصلاة والسلام إغفاله وإهماله ولا تسليمه إلى العامة وإرساله.
فهذا التعريف للشيعة يخصص هؤلاء بهذا المسمى، يعني: من اعتقد اعتقاد هؤلاء بما ذكره الشهرستاني سمي شيعياً، وإلا فقضية محبة آل البيت ومشايعة آل البيت هذا أمر كلنا ندين الله سبحانه وتعالى به.
وقد ذكر عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى من جمع ديوانه أنه قال: إن كان رفضاً حب آل محمد فليشهد الثقلان أني رافضي ونحن نقول كذلك: إن كانت محبة آل الرسول صلى الله عليه وسلم تعد رفضاً فكلنا رافضة، لكن التشيع هنا ليس المقصود به محبة آل البيت فقط، بل التشيع هنا هو المغالاة في آل البيت وإعطاؤهم مسائل لا تكون إلا لله سبحانه وتعالى، هذا هو التشيع، وكذلك الرفض هو رفض خلافة أبي بكر وخلافة عمر رضي الله تعالى عنهما جميعاً، فمن رفض خلافتهما يسمى رافضياً، أما حب آل محمد فكلنا ندين الله به، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.