[موقف الشيعة من عثمان ومعاوية والزبير وعائشة وسائر الصحابة]
كذلك عثمان ومعاوية والزبير وعائشة كل هؤلاء ذكروا فيهم مطاعن ليست باليسيرة؛ وذلك أنهم عندما قالوا: إن القرآن محرف وفيه زيادة ونقصان، فهم عندما وصفوا هؤلاء الصحابة بهذه الصفات المشينة، إذاً: كيف نقبل القرآن من أناس هذه صفاتهم، فاستطاعوا بهذا التدبير العجيب الغريب أن يؤثروا على قطاع كبير من جمهورهم الذين قلدوهم.
أما المستثنى من الصحابة فيما يتعلق بالردة فهم مجموعة ومنهم: سلمان الفارسي، وعمار بن ياسر، وأبو ذر الغفاري، والمقداد بن الأسود وغيرهم، فهؤلاء هم الذين بقوا على الحق ولم يرتدوا.
والسبب في استثناء الشيعة هؤلاء فقط، أولاً: أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء في يوم من الأيام فوجد بعض الناس يقولون لبعضهم: من أين أصلك؟ من أين أنت؟ إلى أي قبيلة ترجع؟ ثم قالوا لـ سلمان: من أين أنت؟ قال: أنا مسلم، فقال صلى الله عليه وسلم لهم: (سلمان منا آل البيت) فهذه العبارة مهمة بالنسبة لهم.
ثانياً: أن سلمان يرجع أصله إلى بلاد فارس، بل يرجع أصله إلى جذر قوي عند الفرس؛ باعتبار أن أباه كان قيم النار، فقد كان يشرف على المعابد كما بينا ذلك مسبقاً.
أما عمار بن ياسر فتأييده ومحبته بالنسبة للشيعة كان لأمرين اثنين: الأمر الأول: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (عمار تقتله الفئة الباغية).
وعمار قتل من قبل جيش معاوية بن أبي سفيان في معركة صفين، وبالتالي فالفئة الباغية هي فئة معاوية، فلكي يظهروا أن فئتهم -أي: الشيعة- ليست باغية وأنها على الحق، وما عداها هي الباغية، فلا بد من تلميع جانب عمار وإظهار أن عمار بن ياسر من الذين لم يرتدوا من الصحابة.
الأمر الثاني: أن الشيعة عندما اتهموا بأن مرجعهم يهودي؛ لأنهم أخذوا عقائدهم من عبد الله بن سبأ كما بينا ذلك، وكتب كثير من الكتاب أن عبد الله بن سبأ هو الذي أنشأ العقيدة الشيعية، فهم أرادوا أن يوجدوا لهذا الأمر تبريراً أمام الناس، فقالوا: إن عبد الله بن سبأ اختفى لم يبق له وجود، وبعضهم قال: إن عبد الله بن سبأ هو عمار بن ياسر، ويستدلون على ذلك بمجموعة من الأدلة ليصلوا إلى هدفهم، فقالوا: عبد الله بن سبأ اليهودي الصنعاني وعمار بن ياسر من صنعاء من اليمن، ويقولون: عبد الله بن سبأ يرجع أصله إلى قبيلة سبأ، وهي قبلية من قبائل اليمن، وعمار بن ياسر من اليمن يرجع أصله إلى قبيلة سبأ، وعبد الله بن سبأ يكنى بـ ابن السوداء، لأن أمه كانت سوداء، وعمار بن ياسر كذلك يقولون: إن سمية بنت خياط كانت سوداء، فيسمى ابن السوداء فأرادوا التلبيس على الناس بهذه الصورة، وقد ذكر ذلك أحد الكتاب المشهورين المعروفين وهو مصطفى كامل الشيبي في كتابه (الصلة بين التصوف والتشيع)، أراد أن يحقق هذا المبدأ، فلذلك يحبون عماراً نتيجة لذلك.
أما أبو ذر الغفاري فلأنه حصل منه موقف مع الصحابة ضد معاوية وضد عثمان في مسألة جمع الأموال، وكان لـ أبي ذر اجتهاد معين لم يوافقه عليه كل الصحابة، فالشيعة لم ينظروا إلى اجتهاده في مسألة جمع الأموال واكتنازها، بل نظروا له بأنه عارض عثمان ومعاوية، وبالتالي أيدوه وأحبوه.
الشاهد في هذا: أنهم لم يقولوا: إن كل الصحابة مرتدون؛ لأن من الصعوبة بمكان أن يصدق الناس أن كل الصحابة ارتدوا، يعني: ليس معقولاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أمضى عمره في تربية الصحابة على الإيمان فشل في دعوته.
والواقع أن الرسول صلى الله عليه وسلم على رأي الشيعة فاشل، وأنه بعد ثلاث وعشرين سنة من العمل الدءوب والعمل المتواصل والدعوة المتواصلة، لم يخرج لنا إلا أقل من أصابع اليد الواحدة من الصحابة الذين بقوا على الحق.
أما البقية فكانوا كلهم هباءً منثوراً، فهم يقولون في إحدى رواياتهم: إن الصحابة كلهم منافقون ارتدوا عن دين الله إلا ثلاثة أو خمسة أو سبعة.
وهناك عدة روايات في هذا الجانب.
ومعنى هذا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينجح في دعوته؛ لأنه لم يصمد على الحق إلا أقل القليل.
هذا ما يتعلق بعقائد الشيعة الرافضة، فقد عرضناها بشيء من الإيجاز والاختصار، ولعل في ذلك الكفاية.
فمن كان يريد الاستزادة فليرجع إلى المراجع التي كتبت عنهم.
وسأذكر إن شاء الله في الدرس القادم قائمة من المراجع، مع بعض المزايا لكل مرجع، حتى يستطيع الإنسان أن يرجع إلى الكتاب المناسب في أي مسألة من المسائل المتعلقة بالشيعة وعقائدهم.