أذكر لكم حادثة، ولو أن المجال ليس مناسباً لذكرها، لكن لنأخذ العبرة منها، والسعيد من وعظ بغيره، والشقي من وعظ بنفسه: كان هناك رجل ومعه زوجته في سوق من الأسواق الكبيرة لا داعي لذكره، وكانت متزينة بأبهى زينة، وكانت إذا وصلت إلى رصيف من الأرصفة تكشف عن وجهها كشفاً كاملاً، وكانت قد زينت نفسها بالمساحيق وغيرها.
أمسكت الهيئة على مجموعة من الشباب في حدود الخمسة أو الستة ومعهم عدد هائل من الصور، وعندما حقق معهم، قالوا: إنهم رءوا المرأة التي ذكرت لكم في السوق، ورءوا وجهها ورءوا شكلها، فأخذت بعقولهم، فتابعوها وعرفوا موقع المنزل وموقع عمل الزوج ومتى يخرج ومتى يدخل، ثم دخلوا عليها عنوة وأخذوا معهم جهاز تصوير، ثم اعتدوا عليها وصوروها كما شاءوا بالتصوير، ثم اتصلوا فيها وهددوها، إما أن تعطيهم ما أرادوا باستمرار أو ستفضح بهذه الصور، وكانت المرأة عفيفة وصالحة، لكنها أعطت لنفسها العنان عن طريق هذا التبرج وهذا السفور عند غير محارمها، لكن ماذا فعلت يا ترى؟! لقد أخبرت زوجها مباشرة، فذهب زوجها إلى الهيئة وعرض عليهم القضية، فقال أعضاء الهيئة: اجعلها تواعدهم وتلين القول معهم، وفعلاً عندما اتصلوا عليها ألانت القول وضحكت معهم، ثم حضروا إليها في نفس الموعد الذي اتفقوا عليه، فدخلت مجموعة كبيرة من أعضاء الهيئة وقبضوا على هؤلاء، وعندما حقق معهم قالوا: والله ليس لنا ذنب، لكنا دخلنا السوق لنأخذ بعض المقاضي ليس لنا هدف، لكن عندما رأيناها بهذه الصورة غطت على عقولنا ففعلنا ما فعلنا.
إذاً: الرجل بنفسه قد يؤدي إلى أن تقع المصيبة ببيته وهو لا يشعر، لذلك أقول لكم جميعاً: لننتبه إلى نسائنا وبناتنا وبنات من نعرف وحتى من لا نعرف، وننصح، فلعل الله سبحانه وتعالى أن يجعل ذكر هذه القصة نافعاً وموقظاً من الغفلة، وأنا قد فعلتها فعلاً في أحد الأسواق: والله لقد رأيت امرأة بهذه الكيفية، فأخذت زوجها وعرضت عليه القصة، فقلت: والله هذا الذي حصل، طلب من زوجته أن تغطي وجهها وأخذها وخرج من السوق، وترك ما معه من أغراض في السوق، وتأثر فعلاً بهذه القصة.
إذاً: أقول لكم جميعاً: على المرأة أن تنتبه لنفسها.
كذلك لتعلم المرأة أنها ما خلقت لتمضي جل وقتها في أمور تافهة غير مهمة، ويكون ذلك على حساب أمور مهمة فيما يتعلق بتربية أولادها في الإشراف على أسرتها، وفي العكوف في محرابها، وفي البحث عما يسر الزوج وينال رضاه، فهذه الأمور هي التي ينبغي أن توجه المرأة لها؛ لأن المرأة نصف المجتمع، فإذا فسدت المرأة فسد المجتمع؛ ولذلك كان اليهود ومن سار معهم يركزون على المرأة.
ولعلي أختم الحديث بمقولة تكشف عن مخطط رهيب ضد المسلمين: إن الاستعمار الصليبي الذي عاشته البلاد الإسلامية في القرن التاسع عشر عندما لم ينجح الاستعمار النجاح الذي أرادوه، إذا بهم يجتمعون في إيجاد خطة ينجحون فيها ويحققون بها مخططاتهم، فقال أحدهم: علينا أن نخلع حجاب المرأة المسلمة ونغطي به المصحف.
يعني: علينا أن نجعل المرأة في سفور وتبرج واختلاط وضياع، والمصحف لا يؤخذ بأحكامه، يجنب جانباً، عند ذلك تضيع الأمة المسلمة فتستعبد أيما استعباد، ولعل كثيراً من الدول الإسلامية قد انطبق عليها هذا الحال، ولا حول ولا قوة إلا بالله.