[ضرورة التوازن بين عمل رب الأسرة وبين اهتمامه بأهله وأبنائه]
من ضمن النقاط التي ترتبط بالأسرة حتى تكون أسرة عامرة: قضية التوازن بين العمل وبين الأسرة، فبعض الآباء نتيجة للكبر والتعب وتحصيل لقمة العيش تجده يذهب منذ الصباح ولا يعود إلا في المساء، ثم بعد أن يأتي في المساء يجد هؤلاء الأبناء قد ناموا، أو يجلس معهم ساعة نصف ساعة ربع ساعة ثم الذهاب إلى المنام، أو تجد الأب يدخل إلى البيت وهو في حالة من الإعياء الجسدي والإرهاق النفسي، فلا يكون لديه أي قابلية للتفاهم من الأبناء بمحبة وود، والأبناء يحتاجون إلى الحنان، والأبناء يحتاجون إلى من يقف معهم ومن يجالسهم، فإن لم يجدوا هذا الحنان في الأب، فإنهم سيبحثون عنه في أي مكان آخر.
أذكر لكم مثالاً حول هذه القضية: كان هناك طفل في المدرسة التي بجوار البيت في الخامسة الابتدائية تعرف على بعض الأطفال الذين معه في الفصل، وكانوا يسكنون بجوار المدرسة، أما هذا الطفل فمكانه بعيد وأمه مطلقة، ويسكن مع زوجة أبيه، وكانت تعامله بقسوة، والأب يصدق هذه الزوجة ويقسو على الطفل، فهذا الطفل عندما آلف بعض الأولاد صار يدخل معهم إلى بيتهم، فرأى أمهم تعطف عليهم وتعاملهم بحنان زائد، فكان يلحظ هذا الحنان من هذه الأم، ويفتقده تماماً، فهو لا يجد شيئاً منه أبداً في بيته، فكان يجلس معهم في البيت، فإذا طلبوا منه أن يذهب إلى بيتهم قال: لا، أبي وزوجته غير موجودين ذهبا في زيارة، مع أنهما موجودان في البيت، وإذا وصل إلى البيت وسئل عن سبب تأخره قال: أنا جالس مع فلان أحل أنا وإياه الواجبات، فبقي على هذه الصفة، حتى إن الأب لاحظ أن الابن يتأخر كثيراً، فصار يضغط على هذه الأسرة ألا تستقبل الطفل، فكان الطفل يأتي إلى باب هذه الأسرة وهو مغلق ويطرقه ولا يفتحون له، وإذا ما فتحوا الباب جلس يبكي عند الباب، تقول أم الأطفال: أحياناً يجلس من حين يخرج من المدرسة حتى أذان العصر، يرفض أن يعود إلى بيته، ما هو السبب في ذلك؟ السبب في ذلك أن هذا الابن ما وجد الحنان فقد الحنان، فأراد أن يبحث عنه في مكان آخر، ولذلك ينتبه الإنسان لهذا الناحية أو هذه النقطة، فيعطي العمل وقتاً محدداً ويعطي البيت وقتاً محدداً:(إن لنفسك عليك حقاً، وإن لأهلك عليك حقاً) الأهل هم الأبناء والأم والزوجة لا بد أن يأخذ كل حقه، (أعط كل ذي حق حقه) هذا هو الأصل وهذا هو التوازن في قضية الداخل والخارج.