[النقطة الثالثة وجوب ظهور أثر هذا الهم على من يحمله]
النقطة الثالثة: أن من اهتم بشيء فلا بد أن يظهر أثره عليه، لابد أن يظهر على ابتسامات وجهك وفلتات لسانك وسلوكياتك وتصرفاتك وعلى أسلوب تعاملك مع الآخرين، بل يظهر على قربك وبعدك من الله سبحانه وتعالى، إذاً: ظهور أثر الهم على الإنسان أمر بين وواضح، وبالتالي فالذي يهتم ببناء بيته، تجد ذكر بيته دائماً على لسانه وفي قلبه أمام الآخرين، دائماً يتحدث بهذا وباستمرار ولا يفكر إلا فيه.
يذكر أن عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، صلى يوماً من الأيام صلاة المغرب ولم يجهر بها، وخلفه صفوف عدة، فعندما انتهى من صلاته بهم قالوا له: لماذا لم تجهر بنا يا أمير المؤمنين؟ قال: ألم أجهر؟ قالوا: لا، ما جهرت بنا، قال: والله لقد أشغلني تنظيم وترتيب الجيش الذي سيتجه إلى قتال الفرس في القادسية، هذا الذي أشغله، وهذا الذي أخذ عليه فكره، فلم يدر: هل صلى جهراً أم سراً؟ إذاً: يظهر الأمر على قسمات الوجه وفلتات اللسان وعلى السلوكيات، بل حتى العبادة.
ونحن الآن في صلواتنا ننشغل، لكن شتان بين الانشغالين، فالفرق بينهما أبعد مما بين المشرق والمغرب.