الدولة الثانية: هي الدولة القرمطية، التي نشأت في سنة (٢٨٦هـ)، واستمرت إلى سنة (٣٠١هـ).
هذه الدولة كانت لها جهود متواصلة وطويلة في حرب المسلمين، سأذكر لكم نموذجاً واحداً منها: هذا النموذج الذي قاده أبو سعيد الجنابي القرمطي، وذلك عندما هاجم الحجيج في مكة، فقتلهم وملأ صحن الحرم بهم، وألقاهم في بئر زمزم، وفعل الأفاعيل حتى إنه قتل في الحرم فقط أكثر من عشرين ألفاً، هذا غير الذين قتلوا في منى وغيرها من الطرقات.
فيقال: إنه قتل عشرات الآلاف في الحرم، ثم في النهاية رقى على الكعبة وقال: أنا بالله وبالله أنا يخلق الخلق وأفنيهم أنا يعني: أنني في منزلة قريبة من منزلة الله سبحانه وتعالى؛ لأن الله يخلق الخلق وأنا أفنيهم.
ثم بعد ذلك أخذ الحجر الأسود وذهب به إلى الأحساء، وبقي عنده عشرين عاماً، وما هؤلاء الشيعة الموجودون الآن في القطيف وفي الأحساء، إلا من بقايا هؤلاء القرامطة، فهم امتداد لهؤلاء القرامطة الذين لم يندثروا، بل تقوقعوا داخل الأحساء، وهم متواجدون إلى زماننا هذا.
الدولة الأخرى التي سنذكرها: هي الدولة البويهية، التي حكمت حتى ستار الخلافة العباسية، تعرفون أن من عز الدولة البويهي، وعضد الدولة البويهي، وركن الدولة البويهي، بدأ حكمها في سنة ثلاثمائة وأربعة وأربعين، وهذه الدولة سأذكر لكم يعني نموذج واحد من نماذج حربها للأمة المسلمة، ذلكم النموذج هو جهدهم في مساعدة القرامطة.
للأسف الشديد أننا نقول: الدولة الفاطمية ونقول: الفاتح جوهر الصقلي باني الأزهر، جوهر الصقلي كان وزير المعز لدين الله الفاطمي وكلهم من أذناب اليهود الذين احتلوا بلاد المسلمين وقاموا بتدنيسها، وأنشأ جوهر الصقلي الجامع الأزهر لتدريس المناهج الرافضية والفلسفة اليونانية بشتى أصنافها، وسحب الناس عن دراسة القرآن والسنة.
إذاً: كان الهدف من إنشاء الجامع الأزهر هو تدريس المناهج المناهضة للقرآن والسنة، وسحب الناس عن دارسة القرآن والسنة.
كذلك يقولون: إن أبو الحسن الأعصم أحد أبناء أبي سعيد الجنابي اختلف مع المعز لدين الله الفاطمي، فأراد أن يقاتله، فصار أمام عدوين: المطيع لله الخليفة العباسي، الذي كان وزيره هو معز الدولة بختيار البويهي، والمعز الفاطمي فقال: أبو الحسن الأعصم: لأتفقن مع المطيع لنقاتل سوياً المعز، ثم بعد ذلك أرجع لعدوي الأول، فذهب إلى المطيع وطلب منه المساعدة لمقاتلة المعز الفاطمي، فقال المطيع: إنهم كلهم رافضة، وكلهم في الكفر سواء، فرفض مساعدته، لكن قام وزير المطيع بختيار معز الدولة البويهي بإمداد أبو الحسن الأعصم بالمال والسلاح والعتاد بالرغم من معارضة الخليفة العباسي؛ لأن المطيع كان صورة فقط، ولم يكن له من الأمر شيء، إنما كان مثل الحكام الموجودين في بعض الدول، كملكة بريطانيا أو غيرها.
يعني: يملك بدون أن يتخذ القرار، وإنما هو في الصورة فقط، أما القرارات فيتخذها رئيس الوزراء.