يقول السائل: أنا تائب إلى الله سبحانه وتعالى، ولقد ارتكبت كثيراً من المعاصي، وأطلب منكم بيان طريق النجاة، وأطلب من الحاضرين الدعاء لي ولهم بالهداية؟
الجواب
أما بيان طريق النجاة وسلوك طريق النجاة فهذا أمره ميسور وسهل، ونحن في هذا الزمان وفي هذا الوقت بالذات نعيش مرحلة من المراحل الحرجة التي تمر بالأمة المسلمة، والتي تحتاج من كل فرد أي كان هذا الفرد كبيراً أو صغيراً ذكراً أو أنثى أن يبذل ويبذل في سبيل النهوض بهذه الأمة الشابة، بهذه الأمة الفتية التي عاشت مدة طويلة وفترات طويلة فيما يسمى بالغثائية، هذه الفترة لابد أن تنزاح ولابد أن تزول ولابد أن تنجلي، ولا تنجلي هذه القضية وهذه المسألة إلا بالعمل؛ لأن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، فلابد من البذل والتضحية، ولابد من العمل الدءوب المستمر.
ولعلك أيها الشاب التائب من يساهم في نهضة الأمة وبروزها ورفعتها، فقد سامها الذل أحط الناس وأرذلهم وهم اليهود والنصارى، ولعلي أذكر لكم البشارة التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال لنا في الحديث الصحيح:(تكون نبوة، ثم يشاء الله لها إلى أن تنقضي، ثم تكون خلافة راشدة، ثم يشاء الله لها إلى أن تنقضي، ثم يكون ملكاً عضوضاً، ثم يشاء الله له إلى أن ينقضي، ثم تكون جبرية، ثم يشاء الله لها إلى أن تنقضي، ثم تكون خلافة راشدة تعم الأرض، ثم سكت عليه الصلاة والسلام).
فالنبوة انتهت، والخلافة الراشدة انتهت، والملك العضوض انتهى بالأمويين والعباسيين والعثمانيين، ملك قوة وعزة مع وجود بلاء ودخن، لكن كان المسلمون في عزة وقوة ونشاط وحيوية، ثم انتهت الخلافة العثمانية وتبدد العالم الإسلامي إلى دويلات جبرية وتسلط فيها الناس، هذا شيوعي وهذا علماني وهذا بعثي وهذا ماركسي وهذا نفعي وهذا وهذا، وهذا هو حالنا، وهذه المرحلة ستزول عندما نعمل كلنا بلا استثناء، فإن العمل سيثمر، والثمرة ستكون هداية الآخرين، وكلما كبرت القاعدة توسعت القاعدة وازدادت القاعدة، فرتب على ذلك عودت الأمة إلى عزها وإلى قوتها.
قد يقول قائل: ماذا أفعل؟ لا قدرة لي على الخطابة، لا قدرة لي على الإلقاء، لا قدرة لي على المشاركة، ماذا أصنع؟ ماذا أفعل؟ أقوال: المجال مفتوح بطرق كثيرة متعددة، خذوا مثالاً على ذلك: شاب صغير يدرس في سادس ابتدائي أصيب في حباله الصوتية بمرض، هذا المرض جعله لا يستطيع أن يتكلم إلا بصعوبة وبكلفة، فهو يتعتع في كلامه، وفي نهاية المطاف ترك الدراسة واتجه إلى مدرسة أهلية تعلم الآلة الطابعة، توظف في إحدى المصالح الحكومية براتب ضعيف، لكنه يسد الحاجة، بدأ يصرف على والده المقعد، وأمه الكبيرة وإخوته الصغار، وبدأ يجلس في المجالس، لكن هذه المجالس لا تعترف بالشخص السلبي؛ لأنه يجلس يستمع، ولا يشارك بكلام، فهو لا يستطيع أن يتكلم.
بدأ يبحث عن الأماكن التي فيها الدروس والمحاضرات والندوات والخطب، وبدأ يسمع الأشرطة ويقرأ الكتب وتثقف وعلم، ثم إنه بعد ذلك عرف أنه مطالب بالدعوة والإرشاد، لكنه ماذا يفعل؟ لا يستطيع الكلام، فهداه الله سبحانه وتعالى إلى مجال لا يحتاج إلى كلام، فبدأ يأخذ مائة ريال من راتبه الشهري ويشتري بها مجموعة أشرطة ومجموعة كتيبات، ويذهب إلى الأسواق، مثل: سوق النسيم والهزاع وغيرهما من الأسواق، فكان إذا رأى رجلاً يستمع إلى غناء أو ينظر إلى التلفاز أو يدخن أعطاه شريطاً أو كتيباً، يقول الذي يروي الرواية عنه: في يوم من الأيام سألته وقلت له: يا ترى هل رأيت لعملك نتيجة؟ قال: نعم، في يوم من الأيام دخلت على صاحب محل وهو مصري فأعطيته شريط وكان يستمع إلى أغنية، فقلت له: أيش رأيك تأخذ مني هذا الشريط وتعطيني هذا الشريط الذي معك، يقول: أخذت ما معه وأعطيته ما معي وذهبت، يقول: وبعد أربعة أشهر دخلت على صاحب هذا المحل وأنا لا أذكر بأنني دخلت عليه، فعندما رآني بشكلي عرفني وقام مسرعاً إلي وقبلني، قلت: يا أخي أنا لا أعرفك، قال: ولكني أعرفك، فوالله بسبب شريط واحد أعطيتني إياه لقد اهتدت عزبة كاملة كنا نعيش فيها، وعدد أفرادها ثمانية أفراد، ثمانية أشخاص انضموا إلى ركب الدين بفعل شريط واحد، وجهد يسير بذله شخص، ربما لو رأيته لا تلقي له بالاً.
إذاً: أقول: يجب علينا أن نساهم، ويجب علينا أن نعمل لهذا الدين.