[الحرب الشرسة على المسلمين في البوسنة والشيشان]
السؤال
قد انقطعنا عن أخبار الشيشان والبوسنة وغيرهم، فلو سمحت تحدث عن أخبارهم، وجزاك الله خيراً؟
الجواب
إذا كنت أنت انقطعت فتتوقعني أنا لم أنقطع؟! فأنا كذلك منقطع عن هذا الأخبار كما انقطعت أنت، قبل كل شيء أحب أن أشير إلى أن الحرب ضد الإسلام يزداد وهجها، وتقوى ثورتها، ويزاد لواؤها شيئاً فشيئاً، وهذا تحقيقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كيف بكم إذا تداعت عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها؟ قالوا: أو من قلة نحن يا رسول الله؟ قال: لا، بل أنتم كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل).
الآن تجد الحرب ضد الإسلام والمسلمين تأخذ أشكالاً متعددة ومختلفة ومتنوعة في كل البلاد، وهذه الحرب المختلفة المتنوعة من ضمنها ما يجري في البوسنة وما يجري في بلاد الشيشان.
أنا سأذكر لكم الجديد في هذا الأمر في ما يتعلق بالبوسنة، عندنا في الكلية أحد القادة البوسنيين الذي يحضر رسالة الدكتوراة، هذا القائد يجلس في الكلية ستة أشهر في الرياض يعمل في بحثه، ثم بعد ذلك يسافر ثمانية أشهر أو سبعة أشهر ليقود كتيبة من كتائب الحرب في داخل البوسنة، ماذا يقول؟ يقول هذا الرجل: إن إهلاك الصرب أو القضاء عليهم من السهولة بمكان، ولكن يقف أمامنا عقبات ثلاث: العقبة الأولى: السلاح، فتعرفون أن منظمة الأمم المتحدة - التي تسمى منظمة الأمم - بإجماع الدول إسلامية وغير إسلامية حرمت على المسلمين اقتناء الأسلحة، وبالتالي يقول: لا يوجد بأيدينا سلاح إلا ما نأخذه من هؤلاء المعتدين الصرب، أو ما يأتينا تهريباً بطريقة معينة؛ لأن الموانئ محاصرة.
يقول: وهذه حلها سهل ولله الحمد، فقد حصلنا على كثير من الأسلحة.
العقبة الثانية: جنود الأمم المتحدة، يقول: الأمم المتحدة تملك الآن قريباً من خمسين ألف جندي داخل أراضي البوسنة، وهؤلاء هم لحماية الصرب، فإذا ازداد ضربنا عليهم أخرجوا لنا مبادرة سلمية جديدة، أو قالوا: إن هناك أسلوباً لوقف الحرب إلى غير ذلك.
يقول: وهؤلاء حجرة عثرى في وجوهنا.
أما الحجر الأساسي والرئيس في هذه المسألة فهي المساعدات الهائلة الضخمة جداً التي ترد إلى الصرب من دول الغرب المختلفة، من روسيا في الدرجة الأولى، وبعد ذلك من بلغاريا ورومانيا واليونان، ومن الدول الغربية المعروفة كألمانيا وهولندا وبلجيكا وبريطانيا، وكل هذه الدول تساعد الصرب سواء كان ذلك بالسلاح أو بالعتاد أو بالمؤن والأغذية.
ويقول هذا الشخص: تصور أن الشاحنات المملوءة بالأغذية والأطعمة والأدوية والأسلحة والرجال ترد بشكل لا ينقطع إلى البوسنة، يقول: يستحيل أن تمر ساعة أو ساعتان ولا ترى فيها شاحنة مليئة بهذه الأشياء تدخل أرض البوسنة لإمداد هؤلاء الصرب.
يقول: لو انقطع هذا المصدر فإننا سننتصر عليهم في فترة بسيطة من الزمن.
إذاً: فالحرب كما قال الله سبحانه وتعالى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال:٧٣] فهؤلاء الروس أرثوذكس وكاثوليك وبروتستانت، وهؤلاء يهود وهندوس، ومع ذلك كلهم يتساعدون في سبيل ألا تقوم للإسلام قائمة في وسط أوروبا.
أما الشيشان فكذلك تسير على هذا المنهج، لماذا هذه الدولة طالبت بالاستقلال عن دولة نصرانية لتعلن راية الإسلام؟! وروسيا تجزأت، فسمحت للدويلات بالتجزؤ مثل دول البلطيق إستونيا ولاتفيا وغيرها، ما في إشكال؛ لأنها دول نصرانية، لكن الشيشان بلد مسلم أراد الاستقلال فقيل له: لا، لن تستقل، ثم بعد ذلك وجهت روسيا عشرات الآلاف من الجند، وبدأت المعارك الطاحنة، فهناك معارك هائلة جداً ومريعة ومخيفة تفوق في ضرواتها ما يحصل في كل دول العالم الآن، لكن هناك تعتيم إعلامي غربي، وتعرفون الإعلام العربي بأجمعه هو عالة على الإعلام الغربي وبالتالي فلا أخبار تأتينا عن هؤلاء إلا ما يتصدق به الغرب.
فإذا قال الإعلام الغربي: خذوا هذا الخبر أخذناه، وإذا قال: حرفوا هذا الخبر بهذه الصورة حرفناه، وهكذا! ولذلك تجد أن أخبار هؤلاء لا ترد إلينا إلا بالأسلوب الذي يريده الإعلام الغربي.
فالوكالات المعروفة كوكالة بريس، ووكالة رويتر، ووكالة كذا هذه من يملكها؟ يملكها يهود ونصارى وغيرهم، وهم الذين ينقلون الأخبار.
ولو ذهبت إلى أي جريدة في جميع دول العالم فستجدها مربوطة بهذه الوكالات، فيذكرون الخبر بالأسلوب الذي يريدون، ثم يرسلونه بالفاكسات إلى هذه الجرائد وتتلقاه.
إذاً: القضية الآن أن التعتيم الإعلامي الغربي أثر تأثيراً في قصور المعلومات عن هؤلاء، ولكن الله سبحانه وتعالى معهم، فلا يضر ألا نعرف أخبارهم، صحيح أننا نتمنى ذلك، لكن لا يضر ألا نعرف أخبارهم، فإن الله ناصرهم ومؤيدهم، وسيرفع من شأنهم.
الأخ البوسني هذا يقول: صحيح قتل منا مئات الآلاف، وشرد أعداد هائلة، ودمرت البوسنة، ولكن والله تتصورون أننا استفدنا فوائد عجيبة جداً، وكانت هذه الحرب خير لنا بشكل غريب.
يقول: كنا قبل هذه الحرب مسلمين اسماً، لا نصلي ولا نصوم، نأكل الخنزير، ونشرب الخمر، لا صلاة، لا عبادة، شرك، كفر، كل الشعب البوسني، يقول: ما الذي يمنع أن نموت على هذه المسألة وندخل في النار؟ لكن جعل نصف هؤلاء أو ربعهم يموتون في سبيل أن يحيا الناس الآخرون ويحيا نصف شعب البوسنة، أو ثلاثة أرباع شعب البوسنة حياة الإسلام، حياة العزة، يقول: هذا هو الانتصار الذي حصلنا عليه الآن، وسنعززه وسندافع عنه.
والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.