[أهمية استخدام البريد الإلكتروني في الدعوة إلى الله عز وجل]
فنبدأ أولاً بقضية البريد الإلكتروني: فمئات الشركات الموجودة في أنحاء العالم يكون لها بريد إلكتروني، بمعنى: أن تسجل في هذا الشركة وتقول: أنا اسمي فلان، وأريد بريداً باسم كذا، ولا يلزم أن يكون الاسم حقيقياً، ثم بعد ذلك يوافقون، ويسجلونك عندهم، ثم عندما تقول لي: أنا أريد منك بريداً، أو رسالة أو كلمة أو مقالة جميلة فأكتب الوثيقة أو أصورها ثم بعد ذلك أكتب رقم البريد الإلكتروني وإذا بالوثيقة تصل إليك في ثلاث ثوان أو أربع ثوان فقط لا غير، ثم تطلع عليها وتعيد الرد في ثلاث ثوان وهكذا.
هذا هو البريد الإلكتروني بشكل بسيط ومبسط، لكن كيف يستغل هذا البريد الإلكتروني في الدعوة إلى الله؟ وأول قضية أريد أن أشير إليها هي قضية التدرج في استغلال البريد الإلكتروني، وسترون أن الاستغلال في هذه الناحية عجيب جداً.
أولاً: المراسلة الفردية، فمثلاً: أنا أعرف فلاناً من الناس في أمريكا أو في إستراليا وأعرف بريده الإلكتروني وأعرف أنه منحرف، فتجدني أرسل له رسائل وأكتب له كتابات مناصحة أو دعوة أو غير ذلك، وهذه الوسيلة الدعوية مثمرة والمثال على ذلك ما يلي: أحد الدعاة الفلبينيين علم أن أكبر وأخطر مجرم في الفلبين مسجون في أحد السجون في الفلبين، ولديه جهاز كمبيوتر، ويمضي وقته في التسلية بالإنترنت فحرص الداعية المسلم كل الحرص في دعوته فراسله عبر بريده الإلكتروني باللغة الفلبينية، وإذا به يرد على الرسالة بسب ولعن وشتم وذم، فأطلنا النفس معه وردينا عليه برسالة أخرى فيها رقة ولطف وعذوبة، وتمنيات له بالخروج من السجن، وبتكوين حياة أسرية جديدة، وأن نعيش الهم الذي يعيشه، فوجد نوعاً من السعادة في أن هناك أناساً يعيشون همومه فبدأ يلين، وبدأ يرسل رسائل، فأرسل الداعية له كتباً وأشرطة مسموعة ومرئية موجودة في الإنترنت، وهي عبارة عن كتب مدخلة في الإنترنت في مواقع كثيرة، فكان الدعاة يسحبون الكتاب المكون من ١٠٠ صفحة أو ٢٠٠ صفحة أو ١٠٠٠ صفحة ثم يرسلونه إليه عبر البريد الإلكتروني، فيحفظ الكتاب عنده ويتصفحه وإن شاء طبع منه ما شاء، فبدأ يقرأ مطويات ويستمع إلى أشرطه وينظر إلى مرئيات وإذا به يعلن إسلامه! ولم يكن هناك أي احتكاك بينه وبين أي مسلم بشكل مباشر أبداً بأي صورة من الصور؛ لأن سجنه انفرادي، وإذا بصحيفة فلبينية تعلن أن المجرم فلان بن فلان قد أعلن إسلامه.
فهذه الفائدة حصلت عن طريق المراسلات الفردية التي تولاها شخص بعينه.
ثم بعد ذلك ننتقل إلى شق آخر: وهو الارتقاء بالمراسلات من الفردية إلى الجماعية، فمثلاً: هناك موقع من المواقع اسمه (ياهو) وتستطيع أن تطلب منه عناوين كل المشاهير في العالم كالتجار والأغنياء والساسة أو الممثلين والمغنين والفساق، المهم يكون مشهوراً حتى ولو كان في الحضيض.
وهذا البرنامج فيه عشرات الألوف من الأسماء، وفيها أسماء رءوساء دول، فالإخوة يضعون خطاباً جميلاً -باللغة الإنجليزية مثلاً- وبضغطة زر وإذا بهذا الخطاب يصل إلى الألوف من الناس فجأة بطريقة واحدة وبعملية واحدة.
فهؤلاء المشاهير عندما يطلعون على هذا الخطاب قد يتفاعلون معه وبعضهم قد يرسل رداً فيه سب وشتم، والبعض الآخر يطلب المزيد؛ لأنهم يحسون أن هناك دعوة إلى السعادة، فإن هؤلاء المشاهير يعيشون أوضاعاً مأساوية من ناحية فراغ القلب، ومن ناحية الفراغ الروحي، فهم يسعون إلى السعادة ويبحثون عنها بأي وسيلة، وبالتالي فإن هذا الأمر يجعلهم يتجاوبون مع هذه المراسلات.
والإخوة الذين يرسلون هذه الرسائل يقولون: والله لا نستطيع أن نتجاوب حتى مع المشاهير لكثرة الرد الذي يأتينا ممن يطلبون المزيد، يقول أحد الإخوة: نرسل رسالة واحدة ثم فجأة وإذا (٥٠٠٠) رسالة تأتينا في خلال يومين أو ثلاثة أيام، يقول: لا نستطيع أن نرد عليها، فهذا يطلب المزيد وهذا يطلب الكتب وهذا يطلب أشرطة وهذا يطلب كذا وهذا يريد منا الرد على خطابه بخطاب آخر، يقول: ونحن لا نتمكن.
فلو كان هناك طاقة بشرية أكثر لكان هناك مجال أوسع لدعوة هؤلاء.
واليهود في أمريكا أنشئوا برنامجاً الكترونياً اسمه: (يسكيو) وقد سجل فيه إلى الآن أكثر من ٨٠ مليون مشترك على مستوى العالم بأكمله، وميزة هذا البرنامج أنك عندما تشترك فيه تجد فيه خاصية تذكر لك هذه الخاصية من هم الذين معك في هذا البرنامج الآن، وتذكر لك عناوينهم، كما أنها تذكر لهم عنوانك أنت، فإذا طلبت عناوينهم تجدها أمامك، فلو افترضنا أن هناك مليون مشترك أو ٥٠٠ ألف مشترك في لحظة واحده دخلوا في هذا البرنامج فماذا تصنع يا ترى؟ ممكن أن تكتب خطاباً جميلاً وترسله إلى هؤلاء، ودعهم يفكرون فيتجاوبون أو لا يتجاوبون، أهم شيء أنك بذلت وقدمت شيئاً.
وهذا البرنامج أيضاً يجعلك تنتقل بعد ذلك إلى محادثة من شئت منهم محادثة صوتية، فممكن أن يرد عليك شخص معين برسالة ويقول: رسالتك جميلة وأنا أطلب المزيد، فتضغط الزر وتطلب محادثته ولو كان في أقصى الدنيا في الصين أو الأرجنتين أو إندونيسيا أو اليابان أو غيرها.
فتدعوه إلى الإسلام، فهذه المسألة غاية في البساطة، ولكن أين الذي يعمل؟ وأين الذي يقدم؟ وأين الذي يبذل؟ فهذا البرنامج يستخدمه البعض من الدعاة، فأحد الدعاة يقول: أنا عندي جزء من الوقت أخصصه للدخول في (الآيسيكو) ثم بعد ذلك أطلب خمسه أو ستة فقط لا غير وفي إمكاني أن أرسل رسالة إلى عشرات الألوف، لكن إذا ردوا علي فكيف أرد عليهم؟ لا أستطيع، يقول: أنتقي لي خمسة أو ستة ثم أرسل لهم رسائل فتأتيني ثلاث رسائل تقريباً من هؤلاء الستة، وهؤلاء يطلبون المزيد، فهذا يطلب كتاباً وهذا يطلب شريطاً وهذا يطلب مزيداً من المعلومات، فأبدأ أتعاون معهم، وشيئاً فشيئاً أستطيع أن أربطهم معي، يقول: وكم من شخص أسلم على يدي، أو فكر أن يسلم، وهذا مكسب عجيب، فإن هؤلاء الدعاة يدخلون تحت قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم).
والعدو الآن يستغل البريد الإلكتروني ليعطيك كما تعطيه، فأحياناً أفتح البريد الإلكتروني فأجد فيه دعوات سيئة أجد فيه دعوات فاسدة أجد فيه أشياء لمذاهب باطلة ولفرق منحرفة حتى داخل المجتمع المسلم فإن هناك دعوات لتبني فكر أو منهج باطل، فالأعداء يستغلون، فلماذا لا نستغل؟ ويبذلون فلماذا لا نبذل؟ وعجبت من جلد الفاجر وعجز الثقة.