[الكشف عن مخططات المنصرين في محاربة القرآن الكريم]
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد الأمين، وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: أيها الأحبة الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تعلمون ما للقصة من أثر في القلب والضمير والكيان، فهي تشكل بمجموعها أثراً على الجسد فتقوده إلى الخير وتدفعه إلى الصلاح، والله سبحانه وتعالى قد أكثر من القصص في كتابه الكريم، وبينها وأوضحها بطرق متعددة وكيفيات مختلفة، وقال في بعض هذا القصص: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ} [يوسف:١١١]، عبرة لمن؟ {لِأُوْلِي الأَلْبَابِ} [يوسف:١١١] أي: لأولي العقول الذين يدرسون هذه القصص بعقولهم، ويستنتجون منها الأثر والمؤثر والدرس والعبرة، فيطبقونها في مجالات حياتهم المختلفة.
أيها الأحبة الكرام! إن ما سأطرقه في هذا اللقاء الطيب المبارك عبارة عن جملة من القصص التي عايشتها أو كان لي معايشة بجزئيات منها، وهذه القصص حقيقة فيها تأثير لمن ألقى السمع وهو شهيد، فعليك أيها الأخ المبارك أن تفقه هذه القصة وتجعلها عبرة، بل ونبراساً تسير على هداه.
أيها الأحباب! لعلكم تعرفون جميعاً أن أعداء الله سبحانه وتعالى على مر الأزمنة قد علموا وعرفوا أن القرآن الكريم الذي هو مصدر قوة المسلمين ومرجع عزتهم، وعلموا مدى تأثيره العظيم عليهم، فماذا فعلوا؟ لقد بذلوا جهودهم في سبيل إيجاد انفصال وانفصام وفرقة وافتراق بين هذا الكتاب العظيم وبين المسلمين، وهذه الفرقة وهذا الانفصام ليس مداره على سحب القرآن من أيدي الناس وإبعاده عنهم لا، ليس هذا هو الهدف، إنما الهدف هو إبعادهم عن الاعتصام به والاقتداء بهديه، وإبعادهم عن قراءته وتدبر معانيه، وهذا الهدف قد سعوا إلى تحقيقه وتطبيقه ولا يزالون يسعون لذلك جاهدين بكل قوة، قد يقول قائل: وما دخل هذا الكلام بما ستطرحه من قصص مؤثرة؟! أقول: لا تستعجل، فإن هذه مقدمة لها ما بعدها.
وأحب أن أشير في هذه المقدمة إلى أن هؤلاء القوم قد نطقت أفواههم وطبقت فعالهم في مجتمعاتنا الإسلامية، بل وما تخفي صدورهم أكبر: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} [الكهف:٥].
استمع أيها الحبيب المبارك إلى بعض زعماء هؤلاء القوم من المنصرين المتميزين المشهورين المعروفين ماذا يقولون تجاه كتاب الله، ثم بعد ذلك قارن بين هذه المقولات المختلفة وبين ما سأذكره لك من قصص؛ لترى أن الله سبحانه وتعالى ناصر دينه، حتى ولو تخلى عنه أقرب الأقربين إليه، وهم الذين يعيشون في داخل ذاك البلد الذي يعلن الإسلام، أو تلك الدولة التي تدعو إلى الإسلام، وهذه المسائل وهذه القضايا ستتضح بعد قليل فلا تستعجل الأمر.
يقول المنصر الأول ويدعى: وليم جيفورد: متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد المسلمين، يمكننا حينئذ أن نرى العربي يتدرج في طريق الحضارة الغربية بعيداً عن محمد وكتابه.
أما تاكري -وهو منصر آخر ومشهور- فيقول: يجب أن نستخدم القرآن وهو أمضى سلاح في الإسلام ضد الإسلام نفسه؛ حتى نقضي عليه تماماً، ثم يواصل قائلاً: كما يجب أن نبين للمسلمين أن الصحيح في القرآن ليس جديداً وأن الجديد ليس صحيحاً.
أما الحاكم الفرنسي الذي حكم الجزائر إبان الاستعمار الذي تم في القرن الماضي، فيقول في ذكرى مرور مائة سنة على استعمار الجزائر: يجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم، ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم؛ حتى ننتصر عليهم.
ولذلك تواتر عن كثير منهم مقولة لا تنسب إلى أحدهم، لكن كل منهم ينطق بها إما بلسان الحال أو المقال، فيقولون: لن ننتصر على الإسلام إلا إذا خلعنا حجاب المرأة المسلمة وغطينا به القرآن.
وأختم هذه النقولات أيها الأخ الحبيب بمقولة رئيس وزراء بريطانيا في فترة سابقة، يقول في مجلس العموم البريطاني: ما دام هذا القرآن موجوداً فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق، ولا أن تكون هي نفسها في أمان.
وعندما كان يتكلم بهذه الكلمات كان يرفع القرآن بيده، فقام أحد أعضاء مجلس العموم وخطف المصحف من يده ومزقه قطعة قطعة، فما كان منه إلا أن ضحك عليه وقال: ما أحمقك وما أغباك، إنك بهذا الفعل تثير المسلمين، وتجعلهم يطبعون بدل الكتاب مائة وبدل المائة ألفاً، ولكن ليست هذه الطريقة، ثم بدءوا يتناقشون في طريقة إبعادنا نحن المسلمين عن القرآن.