الله سبحانه وتعالى قال عن هؤلاء:{وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ}[البقرة:٩٦] جُعلت (حياة) نكرة للدلالة على أي حياة، فأهم شيء أن يبقى اليهودي حياً؛ لأنها لو عُرِّفت وكانت أحرص الناس على الحياة، لكان المعنى: الحياة الكريمة، الحياة العزيزة، الحياة المتميزة، لكنهم يريدون أي حياة، ويدل على ذلك بقية الآية {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ}[البقرة:٩٦] لماذا؟ لأن اليهودي كما أشرنا قبل لا يؤمن بالآخرة، ولا يؤمن بالجنة، ولا يؤمن بالنار، لا يؤمن بالحساب والعقاب، لا يؤمن إلا بالحياة الدنيوية الحسية الجسدية، فلا يوجد شيء اسمه روح عندهم، وبالتالي يتمسكون بالحياة تمسكاً شديداً، هذه الحقيقة وللأسف الشديد غفلنا عنها.
وقضية الغفلة عن هذه الحقيقة تتمثل في الصورة التالية: عندما قتل يحيى عياش وكان من مناضلي منظمة حماس، وكان رجلاً فاضلاً مشهوداً له بالخير، عندما قتل هذا الرجل رحمه الله ورضي عنه قام أربعة من أتباعه وأصحابه للثأر له، وقاموا بأربعة تفجيرات، هذه التفجيرات نتج عنها مقتل قرابة خمسين يهودياً وجرح قرابة أربعمائة قد يزيدون أو ينقصون قليلاً، وهذا تحدثت عنه الصحف كثيراً، لكن الأمر الذي لم تتحدث عنه الصحف إلا قليلاً وبنسبة يسيرة، بل ولم يشر إلى ذلك إلا بعض صحف اليهود، إنه أمر يتحقق فيها قاعدة أو وثيقة أو حقيقة:{وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ}[البقرة:٩٦](٢٢٠٠٠ يهودي) قاموا بهجرة معاكسة من إسرائيل إلى خارجها، إلى أوروبا وأمريكا؛ خوفاً ورعباً، فأربعة تفجيرات هجّرت (٢٢٠٠٠)، فماذا لو كانت أربعين؟ ماذا لو كان أربعمائة تفجير يقوم به أربعمائة استشهادي؟ ماذا ستكون النتيجة؟ إذاً: تبقى قضية {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ}[البقرة:٩٦] حقيقة غير مفقوهة بالنسبة لنا، وغير واضحة بالنسبة لنا بالرغم من أنها ظاهرة المعالم، إلا أننا لا نستنتج الدروس ولا نأخذ العبر